وإذا كانت فترات الانهيار وانحلال مؤسسات الدولة تشهد ازدياد الفوضى، يمكن تخيّل مداها في قطاعٍ لطالما حكمته الفوضى ومزاجية أصحاب المولدات، على اعتبار أنّهم بديل فرضته الحاجة وفساد السلطة العاجزة عن تأمين الطاقة. وقد أتت الحرب الروسية - الأوكرانية لتشكّل عاملاً إضافياً يمكن أن يستغلّه العاملون في القطاع من شركات وتجار توزيع المحروقات إلى بعض أصحاب المولدات، كمن يسعّر فاتورة الـ5 أمبير في منطقة الليلكي بأربعة ملايين ليرة، في الوقت نفسه الذي تصل قيمتها في مناطق أخرى إلى مليونين و700 ألف ليرة، أو كـ«تجار وشركات التوزيع التي تبيع طن المازوت بسعر يتخطّى تسعيرة وزارة الطاقة بـ150 دولاراً» وفق سعادة.
شركات التوزيع تبيع طن المازوت بسعر يتخطّى تسعيرة وزارة الطاقة بـ150 دولاراً
الارتفاع الهائل لأسعار النفط عالمياً ليس المؤثّر الأوحد على أسعار المحروقات محلياً. فبعد رفع الدعم عن المحروقات وتغيير طريقة احتساب أسعاره من قبل وزارة الطاقة، باتت أي زيادة في سعر دولار السوق السوداء مقابل الليرة تنعكس زيادة في الأسعار. يقول سعادة: «في السابق كان أصحاب المولدات يؤمنون المازوت من السوق السوداء معظم الأحيان وفق أسعارٍ بالليرة. اليوم بات المازوت مسعراً بالدولار وغير موجود». وطالما أن دولار السوق الموازية عاود ارتفاعه في الأيام الأربعة الأخيرة (من 20 إلى 23 ألفاً) ستزداد كلفة الاستيراد وبالتالي أسعار المازوت في السوق المحلية لتتأثّر بها مباشرةً فاتورة المولدات الخاصة كما كلفة التدفئة وتشغيل معظم القطاعات في ظل غياب كهرباء الدولة.
حال ساكني المباني المزوّدة بمولدات خاصّة ليس أفضل. يقول مسؤول لجنة أحد المباني: «تقاضينا من السكان 65 دولاراً مقابل الـ5 أمبير في الأسبوع الأخير من شباط مع وصول سعر طن المازوت إلى 750 دولاراً. مع نهاية الأسبوع الأول من آذار وبلوغ السعر مستوى الـ1200 دولار للطن سنرفع الفاتورة إلى 80 دولاراً لكل 5 أمبير، وبالكاد نؤمّن تكاليف شراء ما يلزمنا من مازوت. لكن ومع معاودة تغيّر سعر الدولار في السوق الحرة مقابل الليرة بتنا في حيرة من أمرنا حول كيفية الاستيفاء. هل نثبّت السعر بالدولار أم بالليرة!».
التقنين يطاول أيضاً سكان هذه المباني، إذ يُعتَبَر أحد المخارج للتخفيف من الأعباء المادية، فضلاً عن أن عدم توافر المادة في السوق ينعكس تلقائياً تخفيضاً للاستهلاك لتطويل مدة استخدام المخزون.