(الأخبار)
كان الوصول إلى تلك النهاية «بطلوع الروح»، خصوصاً أن الأشغال قبل طوافات الجيش كانت أبطأ من الحريق الذي تسارع بفعل الهواء، كما أن الطرق التي اعتمدت في الإطفاء في اليوم الأول للحريق «كانت بدائية، وصحيح أنّنا سيطرنا على النيران، إلا أنّ العمليّة غير مضمونة لأنّ البقعة فيها انحدار قوي»، بحسب ما يشير رئيس لجنة البيئة النيابية، غياث يزبك.
اللافت في تلك الأيام على قساوتها هو «لهفة الأهالي المتطوعين لمساعدة عناصر الدفاع المدني في الإطفاء»، يقول أحد أبناء المنطقة هناك. فقد لبى هؤلاء النداءات التي أطلقت عبر مكبرات الصوت، كما قرعت أجراس الكنائس لحثّ الأهالي على مساعدة الدفاع المدني. وبموازاة عمل عناصر الدفاع المدني بخراطيم المياه، كان الأهالي ينقلون المياه بـ»الغالونات»، فيما ينقل آخرون منهم التراب ويرمونه في الأماكن التي يصعب الوصول إليها. مع ذلك، استطاع الدفاع المدني، بمساعدة من أهالي المنطقة، العمل على إخماد الحرائق، إلا أنه سرعان ما تجدّد ليل أول من أمس، فطلبت وزارة البيئة من قيادة الجيش إرسال طوافات لمؤازرة الدفاع المدني. وقد «استحدث» لهذه الغاية بركة صناعية بجانب بئر أرتوازي يعود لأحد أبناء المنطقة، بغية تقريب المسافة لطوافات الجيش. وبموازاة هذه الأعمال، عملت البلدية طوال نهار أمس على استحداث طريق لكي يستطيع الدفاع المدني الوصول إلى نقاط قريبة من الأماكن المشتعلة. وقد ساعدت هذه التدابير على احتواء الحريق وتجنّب امتداده إلى أشجار الأرز المعمّرة التي كانت تبعد 12 متراً فقط عن آخر مكان مشتعل.
إلى ذلك، تواصل وزارة البيئة والمعنيون بمتابعة أوضاع المحمية العمل على تحديد الأسباب الكامنة وراء اشتعال النيران. وإذ لا توجد حتى اللحظة رواية مكتملة، إلا أن هؤلاء يميلون إلى فرضية «الصيد داخل أراضي المحمية، لا سيّما أنّ عناصر فوج الإطفاء وجدوا بقايا خرطوش، وهناك إفادات بسماع صوت طلقات نارية قبل وقوع الحريق». ومن هنا، ينفي رئيس بلدية تنورين سامي يوسف، في حديث إلى «الأخبار»، إمكانية اشتعال النيران بشكل طبيعي خصوصاً أن المحمية تقع على علو 1800 متر عن سطح البحر «وكان الوقت ليلاً». ولذلك، يشدّد على ضرورة إجراء تحقيق لمعرفة السبب الحقيقي، داعياً القوى الأمنية للمباشرة في تحقيقاتها. ومن جهة أخرى، ناشد وزارة البيئة العمل على وضع مقاربة وخطة جديدة لحماية المحمية من الحرائق.