الكشف المبكر حبل النجاة
يصيب سرطان القولون الجهاز الهضمي، حيث ينمو ببطءٍ، من دون أن يظهر على المريض أيّ عوارض مميّزة، بل عوارض عادية مثل الإسهال أو الإكتام وغيرها. وقد أظهرت دراسة أجرتها الجمعيّة، قبيل تأسيسها، أن نسبة 37% من عيّنة تكوّنت من 1200 شخص، أجابوا بـ«نعم» لدى سؤالهم عمّا إذا كانوا قد سمعوا سابقاً بمرض سرطان القولون. والمُقلِق أنّ معظم من سمعوا عن المرض تعرّفوا إليه بعدما أصاب أحد أقاربهم أو معارفهم، وربّما أودى بحياتهم. كما أنّ نصف هذه الفئة ليس على دراية بأهمّيّة الفحوص الرّوتينية ودورها الهام في الكشف المبكر عن المرض ورفع فرص النّجاة.
ومن هنا ينبع دور جمعية «سعيد»، فهي بالإضافة إلى الحملات والمحاضرات التّوعويّة الّتي تنفّذها في المناطق المختلفة بواسطة أطبائها المتخصّصين، تقدّم أيضاً فحص الـF.I.T بشكل مجّاني؛ وهو الفحص القادر على كشف المرض في مراحله الأولى، ويستهدف بشكل خاص النّساء والرّجال من عمر الـ45 إلى الـ75، بما أنها الفئة الأكثر عرضةً للإصابة بالمرض، وبالتّالي عليها إجراء الفحص بشكل سنوي، في حال عدم وجود تاريخ للمرض في العائلة. فمنذ سنوات كانت الفحوصات متوفّرة في المؤسّسات الصّحيّة الكبيرة فقط، أمّا اليوم وبفضل جهود الجمعيّة فإن الفحص يتوفّر في أكثر من 30 مختبراً في مختلف أنحاء لبنان، من دون أي كلفة.
«هيداك المرض»
تواجه الجمعيّة في عملها عدداً من العوائق، هي نفسها أسباب ارتفاع عدد الوفيات من مرض سرطان القولون.
توضِح مؤسِّسة الجمعيّة، هانا نمر، أنّ المجتمع اللّبناني لا يزال يتعامل مع مرض السرطان بشكل عام على أنّه نوع من أنواع المذمّة، لذا يتمنّع العديد من الأشخاص عن القيام بمختلف الفحوصات الرّوتينيّة للكشف المبكر على الأمراض السّرطانيّة. إضافة إلى ذلك، غالبية العوائل اللبنانية لا تملك «ثقافة حكيم العائلة»، الّذي بإمكانه من خلال إجراء الفحوصات الرّوتينيّة أن يكشف عن عدد من الأمراض. كما أن معظم اللّبنانيين يهرعون إلى الصّيدليّة في حال إصابتهم بوعكة صحّية. ومن العقبات الأساسيّة الّتي بدأت الجمعيّة بتبديدها هي توفّر فحوصات سرطان القولون.
معظم من سمعوا عن المرض تعرّفوا إليه بعدما أصاب أحد أقاربهم أو معارفهم
وقد استهدفت الجمعية في نشاطاتها، بالتّعاون مع البلديّات والمستشفيات وجمعيّات أخرى، ما يقارِب 5000 شخص. من بينهم، أجرى نحو 3000 شخص فحص الكشف المبكر، وتمّ اكتشاف 300 حالة إيجابيّة تقريباً. غير أنّ هذه الجهود وحدها غير كافية، فمتطوّعو الجمعيّة الّذين يبلغ عددهم الـ30 يقاتلون باللّحم الحيّ لتأمين كلفة نشاطاتهم، إضافة إلى تكلفة الفحوص المجّانيّة، وهي غالباً تُؤمَّن من خلال التّبرعات والجهود الشّخصيّة.