وقد أحيل الملف في حينه إلى محكمة الجنايات في بيروت لاستكمال التحقيقات بانتظار صدور القرار النهائي. غير أن ما لم يكن في حسبان المدّعي، نقابة الأطباء، أن يُخلى سبيل و.خ. بكفالة مالية بلغت 100 مليون ليرة لبنانية. كفالة بالكاد تساوي اليوم ألف دولار أميركي ولا توازي «سرقة مليارات الليرات من بدلات أتعاب الأطباء»، بحسب ما كانت قد أشارت إليه التحقيقات الأولية.
مستحقّات غير مقبوضة
خرج و.خ. بكفالة زهيدة، فيما لم يتقاضَ الأطباء بعدُ أتعابهم عن سنواتٍ سابقة كثيرة، ولا يعرفون بالأصل كم تبلغ قيمة ما اختلسه الأخير بالتعاون مع شبكة المتورطين. فحتى اللحظة، جلّ ما تقاضاه الأطباء من أتعابهم بدلات عام 2021، المحتَسبة على أساس دولار 45 ألفاً، والتي تقاضاها الأطباء على دولار 100 ألف «في مقابل وعدٍ لوزير الصحة العامة بصرف الأتعاب عن عام 2022»، يقول نقيب الأطباء في بيروت، يوسف بخاش.
وإن كانت الأزمة اليوم وسابقاً تتعلق بالتأخر في صرف المستحقات، مع احتساب الفترة التي شغل فيها و.خ. الدور الأساس في عملية فصل الأتعاب، وما تسبّب به من خسارات للأطباء، إلا أن ما بقي عالقاً ولم يجد أجوبة بعدُ هو «لماذا لا نعرف قيمة بدلات الأطباء، ولا نعرف حتى بالجداول التي تحصي الأعمال الطبية لكي نعرف ماذا عمل كل طبيب، وإن كان يستحق الليرة التي يجب أن يتقاضاها أو لا، أو إن كان يستحق أكثر»، يضيف بخاش.
تتجه النقابة إلى المطالبة رسمياً بالحصول على المعلومات عن داتا أتعاب الأطباء
وبسبب هذا الغموض، وبعد توقيف و.خ. وعدم إجراء تدقيق لما حصل، تواصلت نقابة الأطباء مع وزارة الصحة العامة من أجل الاستعانة بشركة تدقيق والعمل على فصل أتعاب الأطباء، وقد جرى حينها توقيع وثيقة تفاهم «ثلاثية» بدأت معها الشركة بوضع خطة العمل، إلا «أننا فوجئنا بالرغم من ذلك بعدم التجاوب مع الشركة من قبل المعنيين في وزارة الصحة العامة، إذ لم يسلّمها هؤلاء أيّ معلومات عن أعمال وبدلات أتعاب الأطباء للتدقيق فيها»، بحسب بخاش. ويذكر أن الشركة طالبت أكثر من مرة بذلك، إلا أنها «كانت تبلغنا في كلّ مرة بعدم التجاوب معها وعدم تمكنها من التوصّل إلى داتا فصل الأتعاب». وهو ما يبقي «ملف و.خ. طيّ الكتمان، إذ إننا حتى الآن لا نعرف قيمة المبالغ المختلَسة ولا حتى الجداول المتلاعَب بها».
من يحجب المعلومات؟
واللافت هنا أن الوزارة «قرّرت» أن تفصل هي أتعاب الأطباء، علماً أنه «عندما استعين بـ و.خ. كانت تقول بعدم قدرتها على القيام بتلك المهمة»، يقول أحد المطّلعين على الملف في النقابة، وهو ما يطرح اليوم علامة استفهام عن استعدادها للقيام بهذا العمل. وإذا كان المعنيون في النقابة، كما الأطباء، لا يملكون تفسيراً حتى اللحظة حول تصرّف المعنيين في الوزارة مع شركة التدقيق، وسبب منع المعلومات عنها، فإن النقابة تتجه اليوم إلى المطالبة «رسمياً» بالحصول على المعلومات عن داتا أتعاب الأطباء، وأعمالهم الطبية والاستشفائية، بحسب بخاش. ومن المتوقّع «أن نرسل كتاباً رسمياً إلى الوزارة لضمان حق الوصول إلى المعلومات، باعتبارها حقاً من حقوقنا»، يقول بخاش، مؤكداً أن هذا الطلب هو «لتحقيق رغبة اللجان الطبية وأعضاء مجلس النقابة». في مقابل ذلك، لم تُجب المصادر في الوزارة على تساؤلات «الأخبار» أيضاً، إذ إن الردّ كان بأن «الموضوع لدى القضاء وو.خ. ليس موظفاً في الوزارة، ونحن نسعى جاهدين لتسيير أمور الأطباء بما تسنح به الفرص».