وبسبب الفوضى العارمة في محيط مراكز الأمن العام، والاحتكاكات المتزايدة بين أصحاب الطلبات وبينهم وبين عناصر الأمن العام، بات من شبه المحسوم، بعد اجتماعات عقدها المدير العام بالوكالة العميد الياس البيسري، إعادة تفعيل المنصّة وحصر تقديم الطلبات عبرها لتنظيم العمل، على أن تعطى مواعيد تقديم الطلبات بعد أسبوع من التسجيل، ومن دون شروط كتلك التي وُضعت سابقاً (حيازة حجز فندقي أو إقامة أو مستندات تفيد بأن السفر غايته العمل أو الطبابة أو التعليم) طالما أن الجوازات متوافرة.
مُنح العناصر حق استنساب الطلبات المستعجلة وطلب مستندات تؤكد الحاجة إلى السفر
هذا التوجه يلقى ارتياحاً لدى ضباط الأمن العام وأفراده في ظل الضغط الذي يتعرضون له يومياً. لكن المفاجأة، وفق المعلومات، كانت في اجتماع عقد أوّل من أمس، أعطى فيه البيسري توجيهات لرؤساء الدوائر بمنح الضوء الأخضر للعناصر لجهة تقدير ما إذا كان صاحب الطلب مستعجلاً، بمعنى ترك الأمر لاستنسابية العناصر بمعزل عن أي معايير لرفض الطلب أو قبوله. كما يُسمح لهؤلاء طلب مستندات معينة تؤكّد حاجة صاحب الطلب إلى السفر، وهو ما يُخشى أن «يشرّع الباب واسعاً أمام الرشاوى طالما أنه يربط مصير الطلب باستنسابية العنصر».
بالأرقام، 80% من جوازات السفر التي استلمها أصحابها، لم يتم استخدامها، و50% من الطلبات المسجّلة على المنصة قبل إلغائها، لم يحضر أصحابها إلى مراكز الأمن العام لتقديم مستنداتهم. يُستخلص من ذلك، أن حالة الهلع التي سيطرت على اللبنانيين منذ انهيار 2019، متسببةً بارتفاع الطلب على جوازات السفر، تحسباً لأي طارئ يستدعي خروجهم من البلد، لا تزال السبب الرئيسي لاستمرار التهافت غير الطبيعي على مراكز الأمن العام. يضاف إليها تفضيل المغتربين تجديد جوازاتهم في لبنان هرباً من الرسوم الخيالية التي اعتمدتها السفارات اللبنانية في دول الاغتراب، والتي تتراوح بين 400 و600 دولار لتجديد جوازٍ لمدة 5 سنوات، ما يدفع كثيرين إلى اغتنام زبارتهم إلى لبنان لتجديد جوازاتهم بنحو 20 دولاراً لجواز بيومتري يخدم 10 سنوات، وإن استدعى الأمر رشوة عنصر أم ضابط بـ 50 دولاراً أخرى.