مقالات مرتبطة
في المقابل، وقبل الجلسة، تتكرّس يومياً تداعيات الترشيح التي خلص إليها الاتفاق على أزعور على القوى التي تخوض معركته، ولن يكون من السهل تجاوز سلبياتها: بين القوى الأساسية التي تخوض معركة أزعور يقف حزبا القوات اللبنانية والكتائب على تصالح مع قاعدتهما وقيادتهما، ولم يترك الترشيح أي ندوب على جسمي الحزبين، أو تأثيرات على أحلافهما، بخلاف ما جرى مع الحزب التقدمي الاشتراكي والتيار الوطني الحر.
فمشكلة الحزب التقدمي تتعدى يوم الأربعاء، لأن مجرد القفز فوق علاقته بالثنائي، يفترض صياغة السؤال مجدداً عن السبب الذي دعاه إلى التمسك بالتفاهم مع التيار والمعارضة. والأكيد أن القرار ليس ديموقراطياً بمعنى الانسجام مع جو القاعدة التي كانت ميّالة بالمطلق منذ سنوات إلى رفض اتجاهات الثنائي الشيعي السياسية والرئاسية. أهمية الاحتكام إلى خيار تيمور جنبلاط أن هذه الخطوة السياسية الأولى، تؤسس لمرحلة ستكون معها قيادة الحزب على المحك، في إحداث التوازن بين ما تم تخطيه وما تم قبوله في تفاهم مرحلي وظرفي مع المعارضة والتيار على حساب تهدئة متوازنة كانت نسجتها مع الثنائي.
تدخّل عربي فاعل لجم محاولة حريرية لإقناع النواب السنة بعدم التصويت لأزعور
أما مشكلة التيار الوطني الحر، فتحوّلت من عقدة الترشيح ألى عقدة برأسين، وإحكام القبضة على التيار يبدو أهم من علاقة التيار بحزب الله. كل من في دائرة القرار يتحدث عن قرار واحد، ويخطئ من يظن أن رئيس التيار النائب جبران باسيل يملكه وحده. يخوض الرئيس ميشال عون معركة الانتخابات بنفسه، ومعركة عدّ الأصوات التي يفترض أن تصب في صندوق الاقتراع بنفسه، وهي معركته الخاصة، وكأنها التي خاضها قبل ست سنوات ونصف سنة. لا يعني ذلك أن باسيل خارج اللعبة، بل هو في قلبها، ويريد أن تكون المعركة الحالية «نموذجاً» لمركزية القرار مرة واحدة وأخيرة. وإذا كان لدى معارضي ترشيح أزعور ألف سبب وسبب لرفضه، كما انتقاد مسيرة قيادة الحزب التي أوصلت إلى ما وصل إليه كآلية تطيير تشكيل حكومة والخروج من موقع القرار السياسي، ليصير رهن المعارضة، إلا أنهم لم يتحدثوا مرة بالخروج من التيار، وهو الأمر الذي يلوّح به التيار لكل معارض ولكل من يصوّت خارج القرار المركزي. لكن، في المحصّلة، معركة أزعور أفضت إلى كشف الأوراق على طاولة التيار، ومعها انكشاف أن من ينتقد حزب الله ليس باسيل وحدَه. فعون يكرر أمام التياريين ما يقوله علانية من ملاحظاته على فشل عهده وعلى دور حزب الله في التمسك بفرنجية.
أما الطرف الأكثر تضرراً من معركة حصلت لدعم ترشيح أزعور، فيتمثل في الواقع السني، ولا سيما الموالي تقليداً لتيار المستقبل. ففي مقابل بدء عملية استنهاض خارجية لأصوات السنة المتردّدين، أكدت معلومات في الأيام الأخيرة عن سعي مقرّبين من الرئيس سعد الحريري إلى العمل بجدية لمنع تأمين دعم سني لأزعور، رغم محاولة إقناع هؤلاء ومن وراءهم بأن تيار المستقبل أصبح قادراً على إيصال أحد أهل البيت المستقبلي إلى سدة الرئاسة، وهذا في حد ذاته أمر يفترض الترحيب به لا محاربته. لكنّ الخلافات الشخصية الحادة، وعدم هضم وصول رئيس للجمهورية من الجو القريب من بيت الوسط في حالته السابقة، في مرحلة يعتكف فيها زعيم تيار المستقبل، كل ذلك جعل فريق الحريري يمارس لعبته، إلى أن جاء تدخل عربي فاعل للجم هذه المحاولة.