الخيارات المتاحة وفق بونسو، تقع بين «الحفاظ على العملة الوطنية واستبدال الليرة بعملة أخرى مرتبطة بالدولار أيضاً، ولكن ذات قيمة أفضل. أو بقاء الوضع الحالي القائم على تعايش الليرة مع الدولار في سوق واحدة بلا تشريعات جديدة أو التزامات طويلة الأمد. أو خيار إلغاء العملة الوطنية والاعتماد على الدولار حصراً».
مجلس النقد يلغي المصرف المركزي ويعتمد على تدفّق الدولار المستدام
الدراسة التي قدّمها بونسو ورزق الله بنيت على بعض المقارنات في الخيارات المتاحة وأمثلة عن الدول التي اعتمدت الدولرة الكاملة أو مجلس النقد، أو الدمج بين الدولرة ومجلس النقد الذي يقوم على تغطية العملة الوطنية بالدولارات. الخيار الأخير يتطلب «قطاعاً مصرفياً قوياً وإعادة تشغيل دينامية القروض»، فضلاً عن أنه في ظل مجلس النقد لا ضرورة لوجود بنك مركزي، كما أنه «يجب إدخال الدولارات إلى لبنان بشكل مستمرّ ومستقرّ، وبناء نظام قادر على التصدير بشكل دائم، إذ إن الدول التي تعتمد على بيع المنتجات إلى الخارج تحصّل دولارات أكثر». لكن الاقتصاد اللبناني غير قادر على التصدير الصناعي أو الزراعي، بينما «الاستدانة من الخارج لتعويض سيل الدولارات لها مخاطرها غير المضمونة، علماً أن لبنان من الدول التي توقفت عن دفع الدين الخارجي». في المقابل، لبنان لديه ميزة «المغتربين القادرين على رفد البلاد بسيل مستقر من الدولارات، والقطاع السياحي يمكن أن يساهم أيضاً ولكن هذا الأمر يحتاج إلى استقرار اقتصادي».
أما لجهة المفاضلة بين الدولرة الشاملة ومجلس النقد، فيعتقد بونسو ورزق الله أنّ مجلس النقد يحافظ على العملة الوطنية، ويلفتان إلى أن «مجلس النقد يسمح بخلق هامش للتحكم بالسوق، ويساعد على الإصلاح النقدي السريع، بينما الدولرة تدفع نحو فقدان دور الدولة بشكل كامل. فالأرجنتين قطعت شوطاً طويلاً في الإصلاح بعد الاعتماد على مجلس النقد، لكن بعد عام 1995 بدأ التراجع بسبب اعتماد سياسات مغايرة، إذ يستحيل اعتماد الخيارين معاً. أما في الاكوادور، التي تخلّت في عام 2000 عن عملتها واعتمدت الدولار عملة رسمية، فإنهم لجأوا إلى سحب قدرة المركزي على طباعة العملة حتى لا تتكرر عمليات تمويل مصارف تجارية تابعة للنافذين، ما أدى إلى استقرار سياسي دام لنحو 15 عاماً في ظل تضخّم معتدل. لكن الدولة «أدمنت على الدولارات»، إذ إن الخروج من الدولرة الشاملة يتطلّب إنتاج عملة وطنية جديدة تكون موثوقة بقدر الدولار، وهذا شبه مستحيل.
في المحصّلة، «لا حلّ مثالياً للوضع في لبنان، بل مقترحات تنطوي على إيجابيات وسلبيات، علماً أن الأمور أصبحت أكثر تعقيداً الآن بعد مضيّ أربع سنوات على أزمة متعددة الأبعاد، وبلا إصلاحات، فيما يصبح الإدمان على الدولار غير قابل للرجوع عنه.