وتُعدّ العملية في ذاتها حدثاً نوعياً، من شأن الإقرار بها أن يفجّر غضباً كبيراً في الشارع الإسرائيلي، ولا سيما في المستوطنات القريبة من جدار الفصل العنصري والسياج الشائك، حيث يعيش مستوطنوها، منذ «طوفان الأقصى»، «فوبيا» تكرار ما حدث في «غلاف غزة»، فيما لم يتوقّف الإعلام العبري عن رسم سيناريوات عملية مشابهة في الضفة يتمكّن خلالها المقاومون من اقتحام المستوطنات الحدودية والسيطرة عليها. لا بل ذهبت بعض وسائل الإعلام إلى القول إن المقاومين في مخيم جنين يتدرّبون حالياً على هكذا خطّة لتنفيذها، في حين زعم المستوطنون، قبل أيام، سماعهم أصوات حفر في الليل تحت الأرض، وهو ما استدعى انتشار الجيش وتفتيش المنطقة.
تُعدّ العملية في ذاتها حدثاً نوعياً، من شأن الإقرار بها أن يفجّر غضباً كبيراً في الشارع الإسرائيلي
وتزامنت عملية طولكرم، مع إعلان جيش الاحتلال، السبت، مقتل ضابط صف من وحدة «دوفدوفان» وإصابة ضابط آخر وجندي بجروح خطيرة إضافة إلى 4 آخرين في العملية التي نفّذها مجاهد بركات منصور في قرية دير بزيع قرب رام الله، الجمعة، واستشهد فيها بعد اشتباكه مع الجنود على مدى ساعات. وكشفت وسائل الإعلام العبرية تفاصيل جديدة عن العملية ومنفّذها، إذ ذكرت إذاعة جيش الاحتلال أن بركات غادر منزله في قرية دير بزيع بعد منتصف ليل الجمعة بقليل، وأطلق الرصاصة الأولى عند الساعة 5:15 فجراً، أي أنه استغرق خمس ساعات في تجهيز المنطقة ومواقع إطلاق النار والمواقع الصخرية التي سيحتمي فيها لاحقاً. ولفتت إلى أن قوات الاحتلال أطلقت على مجاهد 12 قنبلة يدوية وثلاث طائرات انتحارية، لكنها فشلت في القضاء عليه، إذ واصل القتال بما تسلّح به من ذخيرة قوامها ما بين 70 و80 رصاصة لسلاح القنص الذي بحوزته، إضافة إلى عبوة ناسفة محلية الصنع لم يتمكّن من استخدامها، كما كان يرتدي درعاً عالي الجودة يوفّر له حماية إضافية. ووفق إذاعة الجيش، فإن الرصاصة القاتلة التي أصابت الجندي القتيل خرجت من مسافة قريبة، إذ كان على بعد حوالى 20 متراً فقط من الشهيد. ومن جهته، وصف المراسل العسكري لـ»القناة 13» العبرية، أو هيلر، عملية بركات بأنها «حادثة سيئة وقاسية وكادت أن تنتهي بسبعة قتلى»، مشيراً إلى أن رئيس أركان الجيش، هرتسي هاليفي، حضر شخصياً من أجل التحقيق في سبب استغراق عملية تصفية شخص واحد خمس ساعات. كذلك، علّق محلل الشؤون السياسية في «القناة 13»، أيال بروكوفيتش، على العملية، قائلاً: «دائماً يقولون لنا إن لدينا أفضل جيش في العالم، وفي كل مرّة نرى إخفاقاً جدّياً. في كل أسبوع، هناك إخفاق آخر، لا يمكن قبول أن قناصاً يتجوّل ببندقية ولا يستطيعون قتله خلال خمس دقائق».
من جهتها، سلّطت «يديعوت أحرنوت»، في تقرير مطوّل، الضوء على الأوضاع الأمنية في الضفة، مشيرة إلى أن مستوى عمليات المقاومة في المنطقة في تزايد، ما يجعلها ساحة قتال ثانية حقيقية وثقيلة، مضيفة: «في كل لحظة يمكن أن تكون هناك عملية للمقاومة في الضفة الغربية. العمليات الأخيرة تُظهر أن كميات السلاح والذخائر المنتشرة في الضفة لا تنتهي، وكل شخص يريد تنفيذ عملية يمكنه الحصول على سلاح، من الأسلحة الأوتوماتيكية وحتى المتفجّرات والأسلحة المصنّعة محلّياً». وأشارت الصحيفة إلى مخاوف الاحتلال من وصول متفجرات ذات جودة إلى الضفة، لافتةً إلى أن أبرز القضايا المقلقة بالنسبة إلى الجيش، هي انتشار عمليات المقاومة في كل أنحاء الضفة، علماً أن تركيزه كان ينصبّ في السابق على شمال المحافظة، حيث العمليات المكثّفة.