المقاربة الأميركية المربكة: لا نكترث بالقانون الدولي!
إزاء ذلك، أشارت صحيفة «واشنطن بوست» إلى أن المقاربة التقليدية لواشنطن في ما يخصّ الحقوق الفلسطينية، مبنينّة على أن الولايات المتحدة لا تزال ترى أن قضية الدولة الفلسطينية يجب أن تتمّ تسويتها من خلال المفاوضات المباشرة بين الفلسطينيين والإسرائيليين، لافتةً إلى أن إدارة بايدن تواصل مساعيها، وبالتعاون مع شركائها العرب، لوضع «خطة ما بعد الحرب في غزة». وبحسب الصحيفة الأميركية، فإن الخطّة المشار إليها تتضمّن «جدولاً زمنياً لإقامة دولة فلسطينية»، إلا أنّ عقبات كبيرة تقف أمامها، أهمّها معارضة حكومة نتنياهو الشديدة لها. وعرّجت على وجود حماسة لدى بعض أعضاء «مجموعة السبع» للاعتراف بالدولة الفلسطينية، مرجّحةً وجود فرصة للتوصّل إلى هذا الاعتراف في الوقت الراهن «أكثر من أيّ وقت مضى». وبينت أن فرنسا وبريطانيا تُعدّان من بين تلك الدول، موضحةً أن «موقفهما تغيّر مع مرور الوقت، بحيث باتتا تلمّحان إلى دعمها المحتمل لطلب السلطة الفلسطينية»، مستدركةً بأن استخدام الولايات المتحدة حق النقض يبقى «العقبة الحقيقية الوحيدة المتبقية». ومع ذلك، بيّنت أنه حتى في حال تحقَّقت تلك العضوية، فإن الأمر لن يعدو كونه «انتصاراً رمزياً» للسلطة، في وقت تحتلّ فيه إسرائيل مناطق واسعة من الأراضي الفلسطينية، سواء في الضفة الغربية والقدس، أو في قطاع غزة.
كان واضحاً أن ما سيحول دون البتّ إيجاباً بالطلب الفلسطيني، هو استخدام واشنطن، على جري عادتها، «الفيتو» ضده
بدورها، أشارت صحيفة «نيويورك تايمز» إلى أن السلوك التصويتي للولايات المتحدة داخل مجلس الأمن خلال الآونة الأخيرة، يشي بتبنيها «نهجاً مربكاً، ومتناقضاً» حيال القضية الفلسطينية، مبيّنة أن ذلك السلوك، ومن جملته الامتناع عن التصويت على مشروع القرار الأخير الذي يدعو إلى وقف إطلاق النار في غزة، «أثار نوبة متوقّعة من القلق حيال (تدنّي) قيمة القانون الدولي» في عيون أركان الإدارة الأميركية، لاسيما وأن تمرير المشروع أعقبه كلام للناطق باسم الخارجية، ماثيو ميلر، قلّل فيه من شأن تبعات القرار على فرص التوصّل إلى وقف فوري لإطلاق النار، أو الدفع نحو صفقة تبادل أسرى جديدة بين إسرائيل وفصائل المقاومة الفلسطينية. وتساءلت «نيويورك تايمز»: «إذا كان الأمر كذلك، فما هي الغاية من وجود الأمم المتحدة، ومجلس الأمن الدولي؟ لذا، فقد بدا واضحاً من هي الدولة التي تستطيع وضع حدّ لإسرائيل، ألا وهي الولايات المتحدة».
ورأت الصحيفة أنه «أيّاً كان ما اختلج في عقل إدارة بايدن حين قرّرت السماح بتمرير القرار، ومن ثم العمل على تقويضه، فقد كشفت تلك المناورة حجم الضرر المستمرّ الذي باتت تلحقه الحرب الإسرائيلية المستمرّة في غزة بالمبرّر الأساسي الذي لطالما قدّمته الولايات المتحدة للاضطلاع بدورها كقوّة عظمى، ألا وهو ضمان استقرار النظام الدولي القائم على قواعد (الشرعية الدولية)»، لافتةً إلى أن الولايات المتحدة «لا تتورّع عن انتهاك تلك القواعد، والمستندة إلى حدّ كبير، إلى القانون الدولي، حين تتعارض مع مصالحها، وذلك أسوة بإسرائيل التي تنتهك القانون الدولي بشكل لا لبس فيه». وخلصت إلى أن «المذبحة الدائرة في غزة، أفضت إلى إحجام بعض المسؤولين الدوليين والمنظمات الحقوقية الأجنبية عن الاستماع إلى وجهات نظر المسؤولين الأميركيين في شأن قضايا أخرى»، بخاصة تلك المتعلّقة بحقوق الإنسان.