في داخل الخيام حرارة كحرارة الفرن لا تطاق، وفي خارجها هواءٌ لا تحتمل سخونته
من جهتها، توضح علياء الفسيس، أن أكثر ما تعانيه هو «الفقد للأحباب الذين سبقونا إلى الدار الآخرة»، بالإضافة إلى «فقد البيت الذي بُنِي بعرق الجبين». وتضيف، في حديثها إلى «الأخبار»، أن «التشرد والتنقل من مكان إلى آخر، خوفاً من القصف والاستهداف الذي تضغط فيه على نفسك رغم حالة الخوف والرعب التي في داخلك، ليسا إلا من أجل أطفالك»، مضيفة أن «أكبر معاناة كانت عندما يطلب أطفالي الطعام ولا أقوى على توفيره، فضلاً عن المعاناة اليومية في توفير المياه والحطب، إذ يخرج زوجي من بداية النهار ليلتقط الأخشاب من أجل الطهو على النار، ويقف في طوابير كي ينقل إلينا غالونات المياه». وتتابع: «أصبحنا نعاني في كل شيء»، مشيرة، على سبيل المثال، إلى «ندرة المواصلات وغلاء ثمنها»، قائلة إنها «في إحدى المرات، توجّهت من منطقة الكرامة شمال غزة إلى مشفى الشفاء الطبي لعلاج طفلتي مشياً على الأقدام لأنني لم أجد سيارة تقلّني إلى هناك». وتختم علياء برسالة وجّهتها إلى دول العالم، قائلة: «حسوا فينا، انظروا بعين الرأفة إلى أطفالنا ومعاناتهم وجراحاتهم».
أما أماني خليل (39 عاماً)، فتوجز المعاناة بأن «ما يعيشه أهل غزة مذْ بدأت الحرب وحتى الآن ليس بحياة طبيعية؛ فلا ماء ولا كهرباء ولا حتى غذاء». وتقول: «ما إن تشعر أنك في حالة استقرار حتى يدخل الاحتلال المنطقة، فتضطر للنزوح تاركاً كل شيء وراءك على أمل العودة إلى أخذ أغراضك، ثم تجد المنزل قد نُسف فتفقد ما جمعته من كساء وغذاء رغم قلّته». وتلخّص إسلام محمود (33 عاماً)، من جانبها، المعاناة، في الأعمال اليومية، بالقول: «نقوم بتجهيز الطعام وإشعال النار وما يرافق ذلك من مشقة الحصول على الحطب، والغسيل على اليد والدعك وما يسبقهما من معاناة الحصول على الماء الكافي، فضلاً عن معاناة العجن للخبز وتجهيزه وخبزه على النار. كل ذلك على يدي التي أعاني فيها من مشكلة في الأعصاب».
وعلى المنوال نفسه، تقول نازحة غزيّة، فضّلت عدم ذكر اسمها، في حديثها إلى «الأخبار»، إن «المعاناة الفعلية بدأت يوم استهدف الاحتلال منزلي في اليوم الثالث للحرب، فنزحت إلى مستشفى القدس الذي كان يؤوي 15 ألف نازح»، مشيرة إلى أنه «لا خصوصية ولا مكان لتضع قدمك فيه، فيما يحتاج دخول الحمام إلى حجز كي تأخذ لك دوراً». وتضيف: «عانينا هناك ندرة في المياه والغذاء، فضلاً عن انتشار الأمراض، حتى أجبرنا الاحتلال على النزوح إلى منطقة دير البلح». وتصف النازحة، استشهاد زوجها بـ«المعاناة الكبرى»، قائلة إن «الاعتماد على ذاتي في تلبية احتياجات أبنائي أصبح كبيراً. ورغم توفرها إلا أن أسعارها باتت باهظة الثمن ولا أقوى على شرائها»، مشيرة، في الوقت نفسه، إلى «المعاناة من الأوبئة، التي سبّبها جريان مياه الصرف الصحي في الشوارع وتراكم القمامة والحشرات، وخاصة التهاب الكبد الوبائي الذي انتشر بين الغزيين».