وكانت قوات الاحتلال قد نشرت قنّاصتها على سطوح المنازل في المخيّم، فيما عاثت الجرافات العسكرية تجريفاً وتدميراً في بنيته التحتية، وخاصة في شارع المدارس، حيث تصدّى مقاومون للاقتحام بإطلاق الرصاص صوب جنود العدوّ، وتفجير عبوة محلّية الصنع بجرافة إسرائيلية. وفي أعقاب العدوان، شيّعت جماهير غفيرة في محافظة نابلس الشهيد سامر رمانة، فيما نعت مجموعات «عرين الأسود» شهيدها الذي قالت إنه ارتقى خلال التصدّي لقوات الاحتلال في مخيم بلاطة. من جهتها، نعت «كتائب شهداء الأقصى - شباب الثأر والتحرير»، رمانة، مؤكدة خوضها اشتباكات مع قوات الاحتلال بالأسلحة الرشاشة والعبوات، داعيةً إلى إشعال نقاط التّماس ومواقع العدوّ والمستوطنات بالعمليات.
صعّد المستوطنون من هجماتهم على القرى والبلدات الفلسطينية، وتحديداً في منطقة نابلس
على أن حرب الاستنزاف هذه لا يقتصر فاعلوها على جيش الاحتلال، بعدما صعّد مستوطنوه من هجماتهم على القرى والبلدات الفلسطينية، وتحديداً في منطقة نابلس التي تُعدّ الأكثر عرضة لتلك الهجمات. وأقدم هؤلاء، فجر الأحد، على إحراق منزل غير مسكون عائد لعضو المجلس البلدي، محمد فتحي دوابشة، في بلدة دوما جنوبيّ شرقيّ المدينة، وخطّ شعارات عنصرية وتحريضية على جدرانه باللغة العبرية، ليهرع أهالي البلدة والدفاع المدني إلى إخماد الحريق الكبير الذي التهم أجزاء واسعة من المنزل. ويُعدّ هذا المنزل الرقم 60 في بلدة دوما الذي يتمّ حرقه من قِبَل المستوطنين، خلال الشهرَين الماضيَين، حيث تعرّضت القرية، في نيسان الماضي، لأعنف الهجمات التي أحرق خلالها المستوطنون 56 بيتاً بشكل كامل أو جزئي، إضافة إلى عدد من مركبات الفلسطينيين. ويذكر أن دوما شهدت قبل سنوات جريمة مروّعة بإحراق منزل عائلة دوابشة، ما أدى إلى استشهاد الشاب سعد دوابشة وزوجته رهام، وطفلهما الرضيع علي، إضافة إلى إصابة ابنهما البكر أحمد بحروق بالغة.
كذلك، شنّ مستوطنون هجوماً مشابهاً على منزل يقع عند أطراف بلدة سنجل شمالي المدينة، حيث ألقوا الحجارة على المنزل وحطّموا نوافذه وكسروا سيارة في جواره، قبل أن يتصدّى الأهالي لهم. وبالتوازي، نفّذت قوات الاحتلال، صباح الأحد، حملة هدم واسعة في مناطق متفرقة، طاولت منزل الأسير نديم صبارنة، عقب مداهمة بلدة بيت أمر شمالي الخليل، جنوب الضفة الغربية، بحجة عدم الترخيص، علما أن المنزل يتكّون من طابق مساحته 150 متراً مربعاً، ويؤوي ستة أفراد. كما هدمت منزلاً يعود للمواطن إبراهيم أبو مارية، مكوّن من طابق واحد، ومساحته 160 متراً مربعاً، ويقطنه سبعة أفراد، وسط مواجهات عنيفة أثناء عملية الهدم أَطلق خلالها جنود الاحتلال الرصاص الحيّ والمعدني المغلّف بالمطاط، وقنابل الصوت والغاز، ما أدّى إلى وقوع حالات اختناق.
أيضاً، شنّت قوات الاحتلال، فجر الأحد، حملة اعتقالات طاولت 28 مواطناً على الأقل من الضفة، بينهم أطفال، وأسرى سابقون، وتركّزت في محافظة بيت لحم، فيما توزّعت بقية الاعتقالات على محافظات جنين، ورام الله، وقلقيلية، والخليل، وأريحا. ويواصل جنود العدو، في هذا الوقت، تنفيذ عمليات اقتحام وتنكيل واسعة، واعتداءات بالضرب المبرّح، وتهديدات في حقّ المعتقلين وعائلاتهم، إضافة إلى عمليات التخريب والتدمير الواسعة لمنازل المواطنين، فيما لا تزال شهادات الأسرى المفرج عنهم من سجون الاحتلال تحمل تفاصيل غاية في القسوة والوحشية جرّاء التعذيب الشديد الذي تعرّضوا له، والذي طاول آخر فصوله الأسير القيادي في «القسام»، إبراهيم حامد، بتعريضه لمحاولة اغتيال.
وفي هذا الإطار، روى الأسير أديب سمودي من بلدة اليامون غربي جنين، والذي أُفرج عنه قبل أيام، السبت، جانباً من الأهوال التي يعيشها الأسرى، وتحديداً إبراهيم حامد، الذي قال إنه «لا يوجد مكان في جسده إلا وفيه كدمات أو خدوش أو جروح، ونزف من رأسه كمية كبيرة من الدماء، وبعدما جرى الاعتداء عليه يوم الإفراج اليوم، تركته لا يستطيع الوقوف على قدميه ووضعه الصحيّ خطير جداً»، مضيفاً: «كان في حالة صعبة للغاية، وهناك خطر كبير على حياته وعلى حياة الأسرى بسبب الضرب المبرّح الذي تعرّض له، ويتعرّض له الأسرى في سجن جلبوع». واعتبرت «هيئة الأسرى» و»نادي الأسير» أن «ما جرى مع الأسير حامد هو بمثابة محاولة قتل، كما جرى مع آلاف الأسرى على مدار الفترة الماضية». ونبّها إلى أن «عامل الزمن حاسم في مصير الأسرى، جرّاء الإجراءات الخطيرة والمرعبة التي تواصل إدارة السجون تنفيذها في حقّهم، وعلى رأسها عمليات التعذيب والتجويع».