سطّرت المنظومة الدفاعية انتصارها على فلسفة الاستحواذ وعلى تألق نجوم الهجوم
ورغم خروج المنتخب المصري مبكراً من المونديال الروسي، إلا أنّ المدرب الأرجنتيني كوبر أكّد أنّ مصر لم تكن لتصل إلى كأس العالم لو لم تنتهج الأسلوب الدفاعي. فقد أسهم الأخير في وصول «الفراعنة» إلى نهائيات كأس العالم لأول مرة منذ 28 عاماً، وبلوغ نهائي كأس الأمم الأفريقية 2017 بعد الغياب عن ثلاث نسخ متتالية. وقدم رجال كوبر أداء بطولياً أمام الأوروغواي في دور المجموعات، إذ عانى سواريز ورفاقه أمام الصلابة الدفاعية للفراعنة. فالتمركز الصحيح من قلبي الدفاع والانضباط التكتيكي للاعبين صعّب مهمة سواريز وكافاني في التوغل والتسجيل، ليأتي هدف الأوروغواي المباغت من خوسيه خيمينيز في الدقيقة الأخيرة من عمر المباراة.
ولم تكن المنتخبات الآسيوية الوحيدة التي اعتمدت على التماسك الدفاعي في مبارياتها، إذ إنّ المنتخب السويدي نجح في الوصول إلى دور الثمانية في البطولة بفضل خطة المدرب أندرسون القائمة على تطوير التكتيكات الدفاعية للمنتخب، فكانت القوة الدفاعية عاملاً أساسياً في خطف بطاقة العبور في المجموعة السادسة، التي تضم المنتخب الألماني والمكسيكي والكوري الجنوبي. الهجمات المرتدة السريعة والصلابة في خط الدفاع كانت المفاتيح لباب التأهل بعد الفوز على كوريا والمكسيك، كما سبب هذا الأسلوب المتاعب للـ«مانشافت» الذين لم يتمكنوا من تحقيق الفوز إلا في ثواني المباراة الأخيرة. إلى جانب ذلك، عوّل منتخب الأوروغواي على دفاعه الحديدي خلال مشواره في المونديال الروسي، لا سيما بوجود ركيزتيه القائد دييغو غودين وزميله في أتلتيكو مدريد الإسباني خوسيه ماريا خيمينيز. وأثبت منتخب الأوروغواي أنه صاحب أقوى خطوط الدفاع في البطولة، فكان الفريق الوحيد في الدور الأول الذي لم تتلق شباكه أي هدف، فتمكنت الأوروغواي بالتالي من التأهل إلى الدور ربع نهائي البطولة بفضل هذه الصلابة الدفاعية. ورغم الالتحامات البدنية الكثيرة التي وقعت بسبب اعتماد الأسلوب الدفاعي، إلا أنّ المونديال الروسي شهد انضباطاً في أداء اللاعبين، إذ بلغت نسبة البطاقات الحمراء 0.06 لكل مباراة، وهي نسبة ضئيلة تؤكد غلبة اللعب النظيف على المباريات.
إذاً، سطّرت المنظومة الدفاعية انتصارها على فلسفة الاستحواذ وعلى تألق نجوم الهجوم، فالرقابة الفردية التي فُرضت على المهاجمين أعاقت قدرتهم على الاختراق والوصول إلى المرمى، فلم يجد هؤلاء الحل إلا عن طريق الكرات الثابتة أو التسديدات بعيدة المدى. فهداف البطولة هاري كاين سجل 3 من أصل أهدافه الست من خلال ضربات الجزاء، الأمر الذي يؤكد الصعوبة التي واجهها المهاجمون في تخطي الدفاعات المحكمة للمنتخبات. رغم غياب إيطاليا، انتصرت «فلسفتها»، بعدما اعتقد الجميع أن «الكاتيناشيو» صار من الماضي.