منذ مطلع الألفية، برز تشيلسي كقوة عظمى في أوروبا، بفعل استثمارات الملياردير الروسي رومان أبراموفيتش. سنواتٌ قليلة جعلت من تشيلسي أحد أكثر الأندية الإنكليزية نجاحاً، إثر مقارعته الأندية المحلية والأوروبية على حدٍّ سواء. النجاح لم يُخفِ العيوب، وأبرزها عدم الاستقرار في القيادة الفنية. هكذا، تعاقب العديد من المدربين في فترة زمنية قياسية، إذ وصل الحد الأقصى لولاية أي مدرب في عهد أبراموفيتش إلى قرابة سنتين ونصف فقط. غير أن هذه القرارات لم يتخذها مالك النادي تحديداً، بل من ذراعه اليمنى، أي مارينا غرانوفسكايا، المرأة الحديدية في نادي تشيلسي.
يعدّ الرهان على فرانك لامبارد نوعاً من المقامرة بالنسبة إلى تشيلسي
جاءت مارينا إلى تشيلسي برفقة أبراموفيتش عام 2004. مع مرور الوقت، بدأت تتدرج في المراكز الإدارية، حتى سيطرت على المناصب كافة، بعد المشاكل التي تعرض لها مالك النادي مع الاتحاد الأوروبي، والتي حالت دون دخوله بريطانيا إلا بشروطٍ صارمة. كانت بصمة مارينا الأولى من خلال نظام الشباب، السياسة التي ينفرد بها تشيلسي عن غيره من الأندية، والتي أدخلت عائدات كبيرة إلى النادي من وسائل غير مألوفة في عالم كرة القدم. تقضي السياسة بشراء لاعبين شباب وإعارتهم إلى دوريات أخرى، خاصةً الدوري الهولندي الذي شكل سوق تشيلسي لعرض اللاعبين وتطويرهم وحصولهم على تأشيرة للعب في أوروبا، ثم بيعهم بأسعارٍ مضاعفة. سنواتٌ من النجاح توقفت هذا العام، بعد أن وقع تشيلسي في فخ اللعب المالي النظيف، بعد التوقيع مع العديد من اللاعبين دون السن القانونية وإدراجهم للّعب في مصاف الفرق الأولى. العقوبات كانت قاسية، إذ حرم النادي من سوقي الانتقالات المقبلين، ما عقّد الأمور داخل قلعة ستامفورد بريدج.
لا أحد يحسد تشيلسي على ما يمر به اليوم. النادي اللندني الذي طالما دخل موسمه مرشحاً للفوز بالألقاب، يقترب اليوم من دخول موسمه من دون مدرب، إضافةً إلى حرمانه التعاقدات. وسط «الفوضى»، لاح في الأفق اسم أسطورة تشيلسي فرانك لامبارد لتسلّم الإدارة الفنية للنادي بدءاً من الموسم المقبل، استكمالاً لسياسة النادي الجديدة المتمثلة في الاعتماد على أساطير الفريق لتسلّم مراكز إدارية. بدأ الأمر مع كارلو كوديتشيني الذي تولى مهمة تدريب الحراس، مروراً بباولو فيريرا الذي يشغل دور سفير النادي، إلى أن وصل الأمر إلى الأسطورتين بيتر تشيك وفرانك لامبارد، اللذين سيشغلان دور المدير الرياضي والمدير الفني للنادي توالياً. هكذا، باتت الإدارة موزعة بين أساطير النادي، بعد أن كانت محصورة بيد مارينا.
وسط هذه «الزحمة»، يبدو خيار لامبارد الأقرب إلى التحقق. رغم نجاح موسمه الأول مع ديربي كاونتي، يعدّ الرهان على فرانك نوعاً من المقامرة، نظراً إلى افتقار مسيرته إلى محطاتٍ تعطيه الخبرة، غير أن التجربة الاستثنائية الناجحة لبعض المدربين الجدد، على غرار بيب غوارديولا وزين الدين زيدان، كسرت النمطية السائدة التي تربط النجاح بالخبرة، وهو ما يسعى لامبارد لتحقيقه مع تشيلسي.
أكاديمية النادي اللندني كانت تعدّ واحدة من أفضل الأكاديميات الكروية في أوروبا، ولكن بفعل التعاقد مع عدد كبير من المدربين، ضعفت الأكاديمية، على اعتبار ان كل مدرب يأتي الى الفريق الاول يطلب لاعبين جاهزين. ومع حرمان تشيلسي سوقي الانتقالات المقبلين، ستشكّل أكاديمية النادي العنصر الأساسي لتدعيم الفريق في المستقبل القريب. ستبرز مع لامبارد مواهب النادي أخيراً. المدرب الشاب سبق أن استعار العديد من لاعبي الأكاديمية إلى ديربي كاونتي، أبرزهم مايسن ماونت، الذي سيكون أبرز العائدين إلى تشيلسي العام المقبل.
مع عدم وجود نجوم كبار و«رؤوس حامية» داخل المنظومة، وعدم انتظار النادي الكثير من المدرب القادم، ستخدم الظروف لامبارد إلى حدٍّ كبير إذا ما عيّن مدرباً للنادي اللندني، إذ ستتصف تجربته التدريبية الأولى لنادٍ كبير بالنجاح إذا ما تمكن من احتلال أحد المراكز الأربعة الأولى في الدوري، والظهور المشرّف في دوري أبطال أوروبا.