بدأ يوفنتوس يستعيد توازنه الذي افتقده في بداية الموسم
إلى جانب الرهانات الصعبة والتي أثمرت نتائج إيجابية، استغنى كونتي عن لاعبين كانوا من أعمدة النادي مع المدرب السابق لوتشيانو سباليتي. ماورو إيكاردي الأرجنتيني، البلجيكي رادجا ناينغولان والكرواتي إيفان بيريزيتش، هذه الأسماء، إلى جانب المدافع البرازيلي ميرندا، كانت تُعد الأهم في تشكيلة الإنتر. كونتي قام بدوره كمدرب، وأخرج هذه الأسماء التي اعتبر أنها لا تخدم أفكاره رغم تألّق أصحابها في السنوات الماضية مع الإنتر. كونتي لمن يعرفه، فهو يدرك أنه لا يتصرف بعشوائية. هذا هو كونتي، وهذا هو «صاحب العصا السحرية» الذي أعاد يوفنتوس إلى المنافسة والسيطرة من جديد. في المقابل، تعاقدت إدارة الإنتر مع أسماء، لم يكن أحد ليتوقّع من كونتي طلبها، وهم كل من البلجيكي روميلو لوكاكو والتشيلي ألكسيس سانشيز لاعبي مانشستر يونايتد السابقَين، المدافع دييغو غودين والثنائي الإيطالي سنسي وباريلا. بكل بساطة، خلق كونتي التوازن بين الخطوط الثلاثة للفريق من خلال هذه التعاقدات. ثلاثي خط الدفاع بات مكوّناً من سكرينيار، غودين ودي فراي، ثلاثي خط الوسط من سنسي وباريلا والكرواتي بروزوفيتش، وثنائي خط الهجوم من لوكاكو والمميز لوتارو مارتينيز. خطوط متوازنة وجاهزة لمنافسة أي فريق يقف أمامها، وهذا ما حدث فعلاً في الكامب نو أمام برشلونة في دوري أبطال أوروبا. حينها شاهد الجميع الإنتر بصورة الفريق القادر على مقارعة الكبار، حيث عانى النادي الكاتالوني كثيراً خلال دقائق اللقاء، ولولا ميسي ومعه سواريز، لربما خرج كونتي بنقطة ثمينة من المسرح الإسباني أو أكثر، من يدري؟
ثماني عشرة نقطة كاملة من أصل ثماني عشرة ممكنة، تُعطي الجميع فكرة عن أن كونتي لم يأت فقط لتحسين أوضاع الفريق وبنائه والمضي قدماً في الموسم المقبل، بل هو يريد المنافسة على اللقب، اليوم قبل الغد، يريد أن يوقف السيطرة «اليوفنتينية» التي بدأها هو بنفسه منذ زمن طويل. بالنسبة إلى أسلوب المدرب الإيطالي، فهو الأسلوب عينه الذي اعتمده في يوفنتوس، وحتى في محطّته القصيرة مع النادي الإنكليزي تشيلسي. خماسي في خط الدفاع مع تقدّم الظهيرين بصورة واضحة، ثلاثي في خط الوسط وثنائي في المقدمة، هي الخطة عينها التي يترجمها على أرض الملعب أينما ذهب وكيفما دار. لكن المباراة المقبلة لكونتي مختلفة عن كل المباريات التي خاضها مع إنتر هذا الموسم، فهي أمام فريق حياته، أمام النادي الذي كان قائداً له عندما كان لا يزال لاعباً، أمام النادي الذي برزت شخصيته من خلاله، أمام يوفنتوس، أمام آندريا آنييلي وبافل ندفيد وغيرهما من اللاعبين. بكل تأكيد، هي مباراة عاطفية لكونتي. صحيح أن المدرب الإيطالي هو من أعاد الهيبة إلى نادي السيدة العجوز، إلاّ أن الجماهير ستنسى كل ما قدّمه للـ«بيانكونيري»، ولن تقبل بالخطوة التي أقدم عليها، والتي تتمثّل بالانتقال إلى إنتر قبل بداية الموسم. الكراهية بين الناديين كبيرة جداً، لهذا الأمر أسبابه التاريخية. كونتي، ليس فقط من أعاد يوفنتوس، بل هو كان قائداً للفريق، ولعب لسنوات عدّة مع النادي، فما يقوم به مع إنتر اليوم، يُعتبر «خيانة» لا تُغتفر بالنسبة إلى الجماهير. ولا يجب تجاهل أن كونتي انتظر يوفنتوس قبل التوقيع مع إنتر، إلا أن رئيس النادي أندريا أنييلي كان له رأي آخر.
ساري يُعيد التوازن
على الجهة المقابلة، وتحديداً في ما يخص مدرب يوفنتوس ماوريتسيو ساري، فقد بدأ التوازن يتّضح شيئاً فشيئاً في تشكيلة النادي الأكبر على الصعيد المحلي. يوفنتوس لم يبدأ الموسم بالصورة التي تمنّتها الجماهير، أو على الأقل بالصورة المتوقّعة من قبل الأنصار، وهذا أمر طبيعي جداً. يوفنتوس ساري لن يصبح نابولي ساري بين ليلة وضحاها، فهذا الأمر يحتاج إلى مباريات عدة وتغييرات عدة على مستوى الأسماء والتشكيلة التي سيعتمدها ساري خلال مشواره الجديد. من النقاط الإيجابية التي تُحسب ليوفنتوس الجديد هي تأقلم المدافع الهولندي الشاب ماتياس دي ليخت مع الفريق، فهو أصبح من الأعمدة التي لا يمكن الاستغناء عنها، وهذا أمر طبيعي للاعب وصل بمبلغ قارب الـ80 مليون يورو. وفي خط الوسط، على ما يبدو فإنه لا يمكن الاستغناء عن الفرنسي بليس ماتويدي، الاعب الذي يقوم بأدوار دفاعية كبيرة. في المقابل لم يدخل الفرنسي أدريان رابيو في الأجواء الإيطالية بعد، وهذا أيضاً من بين الأمور التي تحتاج إلى بعض الوقت. رابيو، لاعب لم يخض الكثير من المباريات في الموسم الماضي بسبب خلافاته مع إدارة باريس سان جيرمان وتعاملها السيّئ معه، إضافة إلى انتقاله إلى دوري جديد وأجواء جديدة. على العكس تماماً، ثبّت الويلزي لاعب آرسنال السابق آرون رامسي قدميه في تشكيلة ساري الأساسية وسيعتمد عليه المدرب «المدخّن» طوال الموسم.
ما هو جيد، أن المباراة التي تجمع بين هذين الناديين، هي بين المتصدّر والوصيف. منذ زمن طويل جداً، لم يكن الـ«ديربي» بين أصحاب المركزين الأول والثاني، وهذا ما يزيد من حماسة اللقاء والندية نظراً لوجود أهداف خلف انتصار الإنتر أو اليوفي هذه المرة. على الورق، المباراة ستكون صعبة على طرفيها، وهذا أمر منطقي قياساً إلى النسق التصاعدي الذي يعيشه الفريقان اليوم في «السيريا-أ».