من رفض برونو نيري القيام بالتحية الفاشية عند افتتاح ملعب فلورنسا عام 1931، وصولاً إلى احتفال شاكيري وتشاكا أمام المنتخب الصربي بتجسيد رمز النسر المزدوج الخاص بالمنتخب الألباني، مروراً بتحية دي كانيو الفاشية أمام ليفورنو عام 2005. إشارات سياسية تاريخية تجاوزت الرياضة، وأدت إلى مطالبات لإنزال أقسى العقوبات بحق هؤلاء اللاعبين. تكرر الوضع هذا الأسبوع، إثر قيام لاعبي المنتخب التركي بالتحية العسكرية في مباراتيه الأخيرتين.
استغنت بعض الأندية عن لاعبيها الأتراك بسبب تصرّف لاعبي المنتخب أخيراً
بعد التحية الأولى، خلال مباراة ألبانيا، وصل الغضب ببعض السياسيين الفرنسيين إلى حد المطالبة بإلغاء مباراتهم مع تركيا التي لعبت يوم الاثنين. وغرّد أحدهم قائلاً: «إذا احتفل اللاعبون الأتراك بالتحية العسكرية، فيجب معاملتهم كجنود للعدو، لذا لا يجب أن نلعب ضدهم، فالروح الرياضية لم تعد حاضرة»، فيما صرّح زعيم أحد أحزاب اليمين في فرنسا: «بهذه التحية، كسر المنتخب الوطني التركي الحد الفاصل بين الرياضة والسياسة، وبالتالي لا يمكن أن نرحب بحفاوة في ملعب ستاد دي فرانس غداً بأولئك الذين يحيون ذبح الأكراد».
في هذا الوقت، أعلن الاتحاد الأوروبي لكرة القدم أنه سيمعن النظر في الاحتفالية، وقال المسؤول الصحافي في الاتحاد فيليب تاونسند «أنا شخصياً لم أر ذلك التصرف الذي يمكن أن يعدّ استفزازا»، مضيفاً: « سوف ننظر في هذا الوضع، دعوني أتأكد من صحته». مباراة تركيا وفرنسا لم يتم إلغاؤها، ولكنها لُعبت في أجواء متشنجة. ما زاد الأمور حدةً هو تكرار التحية العسكرية من اللاعبين الأتراك بعد تسجيلهم هدف التعادل على الأراضي الفرنسية. هذا الأمر أثار ردود فعل غاضبة جداً في الأوساط الصحافية والرياضية، وطالبت العديد من الجهات بمعاقبة المنتخب التركي. وأفاد الاتحاد الأوروبي لكرة القدم بأنه عيّن مفتشاً لبدء «تحقيق تأديبي» في ما يتعلق بسلوك «الاستفزاز السياسي المحتمل».
هذه العقوبات بدأتها الأندية قبل الاتحادات، نظراً إلى الصورة السيئة التي تعكسها هذه التصرفات داخل الملاعب. نادي ميلان الإيطالي أعرب عن غضبه من تصرف اللاعبين الأتراك، ونقلت مصادر مقربة من النادي أن ميلان يمكن أن يبيع لاعبه التركي هاكان شالهانوغلو في سوق الانتقالات المقبل، بسبب تصرف اللاعبين الأتراك ومن ورائهم الاتحاد التركي لكرة القدم. واستغنى نادي سانت باولي الناشط في دوري الدرجة الثانية الألماني عن لاعب الوسط التركي جينك شاهين بسبب منشور له على «إنستغرام» يدعم فيه تدخل بلاده العسكري في شمال سوريا.
هي السياسة التي ترتبط دائماً بالرياضة، والتي بدأت تتّخذ أشكالاً أكثر تطرّفاً، وهي باتت فعلاً بحاجة إلى حلول حقيقية لكي لا تغيّر وجه كرة القدم نحو الأسوأ.