أُرغم بعض المفرج عنهم على حمل سوار إلكتروني
وتمثّل تلك المعلومات، التي وصفها مصدر حكومي سعودي بأنها «عارية تماماً عن الصحة»، فضيحة جديدة للسلطات، التي حرصت، منذ بدء توالي الأنباء عن عمليات تعذيب تدور خلف «قضبان الريتز»، على اتخاذ خطوات «تلميعية» للحملة، بهدف إبعادها عن الشبهات. وبرز من بين تلك الخطوات، خصوصاً، إدخال وسائل إعلام غربية إلى داخل الفندق، والسماح لمندوبيها بمقابَلة محتجزين، لا سيما منهم الملياردير الوليد بن طلال الذي سرت الكثير من المعلومات حول تعريضه لإجراءات مهينة. كذلك، يُعدّ تقرير الـ«نيويورك تايمز» بمثابة ضربة لجهود مجموعات الضغط السعودية، ومؤسسات العلاقات العامة المتعاملة مع الرياض، والتي تحاول منذ فترة تخليص «حملة التطهير» من الاتهامات التي أُلصقت بها.
لكن الأخطر في ما أوردته الصحيفة، والذي يضع «جهود التلميع» المشار إليها على المحك، أن المفرَج عنهم من الـ«ريتز» ليسوا أحراراً في تنقلاتهم. إذ تم إرغام بعضهم على وضع سوار إلكتروني حول الكاحل، فيما عُيّن حراس حكوميون لمراقبة آخرين. ووفقاً لـ«نيويورك تايمز»، فإن من أُطلق سراحهم يعيشون في «خوف وشكّ دائمَين»، وهو ما يطابِق الهواجس التي كان عبّر عنها مستثمرون، لا يزالون يخشون من أن «يُعتقلوا في أي وقت». وكانت مجلة «فوربس» كشفت، عقب إطلاق سراح الوليد بن طلال، أنه تم منع الأخير من السفر إلى خارج البلاد إلا بصحبة شخص تختاره الحكومة، وأنه هُدّد بملاحقته قضائياً في حال مخالفته تلك التعليمات. تعليمات اجتهدت السلطات في إخفائها عن طريق تصوير المفرج عنهم، إعلامياً، «في أحسن حالاتهم»، فضلاً عن مساعيها في طمأنة الأوساط الاستثمارية عبر سلسلة خطوات، كان أبرزها الاجتماعات السرية التي عقدها ابن سلمان في مناطق متفرقة من السعودية مع المستثمرين. هذه المساعي يجري العمل على تكثيفها قبيل الزيارة المرتقبة لولي العهد إلى الولايات المتحدة في 19 آذار/ مارس الجاري، والتي سيستكمل فيها الأمير الشاب حملة العلاقات العامة الأخيرة، والتي تنفق المملكة عليها ملايين الدولارات. وتجلى أحدث قرارات المملكة على هذا الصعيد في إصدار الملك سلمان، أول من أمس، أمراً بتشكيل «دوائر مختصة بمكافحة الفساد لدى النيابة العامة». وبحسب النائب العام السعودي، سعود المعجب، فإن الأمر نابع من «رغبة في مزيد من الفعالية، ورفع الجودة والأداء، وتسريع إجراءات (التعامل مع) قضايا الفساد».