يؤكد ما تقدّم المستشارُ في الشركة الإيرانية لتصنيع السيارات «إيران خودرو»، المحلل الاقتصادي سعيد ليلاز، باعتبار أن انسحاب العديد من الشركات بسبب الخوف من الطبيعي يترك أثراً سلبياً على القطاع، خصوصاً من حيث العرض والطلب في ظل التراجع الكبير للعملة المحلية أمام الدولار، «فنحن نعاني اليوم إلى جانب قلة الشركات من صعوبات قاسية من حيث استيراد المستلزمات». لكن ليلاز يستدرك في حديثه إلى «الأخبار» بالقول إن «إيران اعتادت هذا الشيء (العقوبات)، فلا يمكن أحداً أن ينكر أننا قادرون على الاستمرار في التصنيع ضمن إمكاناتنا المحلية غير القليلة، بالإضافة إلى خطة مستقبلية جديدة لاستقطاب الشارع الإيراني ودفعه إلى شراء السيارات المحلية عبر زيادة الإنتاج والعرض من أجل زيادة الطلب»، ويتابع: «قد بدأنا في هذه الخطوة منذ دخول العقوبات حيّز التنفيذ، فقد بلغ عدد سيارات الصالون المنتجة في الأشهر الثلاثة الماضية 317 ألفاً و 810 سيارات، فيما كان العدد يبلغ 290 ألفاً و 887 سيارة في الفترة المماثلة من العام الماضي. في هذا الإطار أيضاً، أنتجت المصانع الإيرانية خلال الفترة من 21 آذار/ مارس إلى 20 حزيران/ يونيو 14080 شاحنة صغيرة، فيما كان العدد المنتج في الفترة المماثلة من العام الماضي 13009 شاحنات، وهو ما يعكس ارتفاعاً بنسبة 8.2 في المئة. ووفق الخبير الإيراني، بلغ إنتاج البلاد من الشاحنات المتوسطة والثقيلة والساحبة 3848 خلال الفترة المذكورة، ارتفاعاً عن 3030 شاحنة بزيادة نسبتها 27 في المئة.
وضعت الشركات خطة مستقبلية لتفادي الأزمة واستقطاب الزبائن
وفي حديث إلى «الأخبار»، يقول خبير العلاقات الدولية عباس أصلاني، إن الشركات التي تركت إيران نزولاً عند رغبة واشنطن «لن يكون لديها أفق جديد في داخل السوق الإيرانية»، لافتاً إلى أن ثمة بدائل، بينها شركات جديدة من دول أخرى بدأت تتواصل مع الجهات الحكومية المعنية، وهي مستعدة لرفع مستوى التبادل التجاري مع إيران في قطاع السيارات. وحول هذه البدائل يشير إلى أن الصين «تقدم تسهيلات كثيرة في هذا المجال، والآن نحن في مرحلة تصنيع السيارات الصينية في إيران بأسعار تنافسية وقطع غيار متوافرة». وبلغة أكثر تفاؤلاً، يضيف: «اللجان الاقتصاية باشرت بوضع خطط مستقبلية لتفادي الأزمة التي تعتبر بمضمونها أخف وقعاً من العقوبات السابقة، وقد عينت الشركات المحلية لصناعة السيارات لجنة متخصصة لمتابعة سوق السيارات في البلاد وزيادة الإنتاج ورفع العروض (التنافسية) من أجل بيع أكثر إلى جانب التسهيلات في الدفع، وهي بصدد التمهيد لإطلاق أنواع جديدة وأكثر تطوراً في الفترة المقبلة».
اختبار جديد للاقتصاد الإيراني، يحتم على الإدارة كما القطاع الخاص خلق سياسات تكيّف جديدة في إطار ما يطلق عليه هنا سياسة «الاقتصاد المقاوم». ويُعَدّ هذا الملف من أولويات تجاوز العقوبات الجديدة، خصوصاً أنه يستهدف قطاعاً هو من الأهم في البلاد نظراً للطلب الكبير الذي تفرضه الكثافة السكانية والمساحة الجغرافية التي تفصل كثيرين عن أماكن سكنهم، فضلاً عن أن إنتاج السيارات يشكل العمود الفقري لقطاع صناعي يراد له النمو لتحقيق الاكتفاء الذاتي وتقليل الاعتماد على قطاع إنتاج الطاقة.