كمالوندي، وعلى رغم تحذيره الأوروبيين من أن «الصبر الاستراتيجي لإيران لن يطول»، فإنه لم يفصح عن طبيعة قرارات طهران المنتظرة بعد انتهاء مهلة الستين يوماً، وهذا ما أرجعه مظهري إلى «سياسة طهران غير الاستباقية»، التي تأتي برأيه كـ«رد فعل على سلوك الأطراف الآخرين في المعادلة». وأوضح ذلك بالقول إن «إحجام طهران عن الإفصاح عن خطواتها المنتظرة، يأتي بسبب إمكانية تراجعها عن تلك الوعود في حال وفى الطرف الآخر بالتزاماته». وفي هذا الإطار، دعا الرئيس الإيراني، حسن روحاني، الأوروبيين إلى «استغلال هذه الفرصة الزمنية القصيرة للقيام بأدوارهم». وأضاف خلال استقباله السفير الفرنسي الجديد أن بلاده صبرت وتعاملت «بضبط النفس، وذلك نزولاً عند طلب فرنسا ودول الاتحاد الاوروبي»، لكنه في الوقت نفسه بيّن لضيفه الفرنسي أن خروج طهران من الاتفاق «لن يكون في صالح أحد».
نتنياهو: إذا نفذت إيران تهديداتها فعلى المجتمع الدولي تفعيل آلية العقوبات
خيار الخروج من الاتفاق النووي، وإن كانت طهران لا تريد الذهاب إليه حالياً، إلا أنها في المقابل تتجه بقوة لاتخاذ قرار بخرق الاتفاق بعد 10 أيام، عندما يتجاوز اليورانيوم المخصّب لديها سقف الـ300 كلغ الذي قيّدها به الاتفاق النووي الموقّع صيف العام 2015. مضمون المؤتمر الصحافي الذي عقدته هيئة الطاقة الذرية من داخل مفاعل آراك للماء الثقيل، لم يمرّ عبر أسماع بعض أطراف الاتفاق النووي من دون تعليق. فبمجرد انتهاء المؤتمر، سارع المتحدث باسم الكرملين الروسي إلى الاستشهاد بمواقف الوكالة الدولية للطاقة الذرية التي تؤكد التزام إيران بالاتفاق النووي، الأمر الذي يطرح تساؤلاً عن حقيقة وجود تنسيق إيراني مع روسيا والصين يسبق أي خطوات نووية جديدة قد تقدم عليها طهران. تنسيق يؤكد مظهري وجوده، «إلى جانب أن إيران تبلغ الوكالة الدولية للطاقة الذرية بكل ما تنوي القيام به»، معللاً ذلك بـ«حاجة إيران لمسايرة روسيا والصين في هذا الصراع، محاولةً الاستفادة منهما في مواجهتها مع أميركا وأوروبا».
من جهة أخرى، أفصحت منسقة السياسة الخارجية في الاتحاد الأوروبي، فيدريكا موغريني، عن سعيها لاستمرار الاتفاق النووي واستفادة إيران من الآلية المالية، مقرّةً في الوقت نفسه بالتزام إيران حتى الآن بالاتفاق النووي وفقاً للتشجيعات والثقة الأوروبية. في المقابل، أعلنت المتحدثة باسم رئيسة الوزراء البريطانية، تيريزا ماي، أن بلادها ستبحث «جميع الخيارات» إذا انتهكت إيران تعهداتها في الاتفاق النووي، كاشفة عن عقد اجتماع لمسؤولين أمنيين بريطانيين لبحث ملف إيران. وأضافت أن «بلادها تريد حلولاً ديبلوماسية لخفض التوتر مع إيران». أما المتحدث باسم الحكومة الألمانية فحثّ إيران على الأخذ بالالتزامات المحددة في الاتفاق. في واشنطن، علّق متحدث باسم مجلس الأمن القومي بأن «خطط التخصيب الإيرانية ممكنة فقط لأن الاتفاق النووي المروع لم يؤثر على قدراتها ... لقد أوضح الرئيس (دونالد) ترامب أنه لن يسمح لإيران مطلقاً بتطوير أسلحة نووية. يجب أن يواجه الابتزاز النووي للنظام بضغوط دولية متزايدة». أما في تل أبيب، فرأى رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو أنه «إذا نفذت إيران تهديداتها، فعلى المجتمع الدولي تفعيل آلية العقوبات المحددة سلفاً على الفور»، وأضاف مهدداً: «على أي حال، إسرائيل لن تسمح لإيران بالحصول على أسلحة نووية».
يشار إلى أن طهران شهدت حراكاً ديبلوماسياً منذ منتصف الأسبوع الماضي، بدأ باستقبالها وزير الخارجية الألماني هايكو ماس، وبعده رئيس الوزراء الياباني شينزو آبي، قبل لقاء منسقة السياسة الخارجية الأوروبية هيلغا شميد بنائب وزير الخارجية الإيراني عباس عراقجي. لكن على الرغم من النشاط المذكور، فإن طهران أتبعته بإعلان أمس، بدأت عبره التأسيس لما بعد انتهاء مهلة الـ 60 يوماً، وهذا ما يعدّه متابعون دليلاً إضافياً على أن جهود الوساطة لم تؤت أكلها.