إشكالية نتنياهو أن المسار القضائي يتوازى مع مسار تشكيل الحكومة
وفي حال نجح نتنياهو في خطته، فهو يأمل أن يشكل هاجس إجراء انتخابات ثالثة عامل ضغط على بعض الأطراف في المعسكر المضادّ للانضمام إليه لتشكيل الحكومة، إضافة إلى أنه يضع رهاناً على التطورات الإقليمية التي يمكن أن تمثل عامل دفع إضافياً في هذا الاتجاه. أما غانتس، فيراهن على أن يشكل المسار القضائي الذي ينتظر نتنياهو ضغطاً معاكساً على تحالف اليمين، بمن فيه «الليكود»، للانضمام إليه. وفي هذا الإطار، تتحدث تقديرات قانونية في إسرائيل عن أن جلسة الاستماع التي سيحضرها نتنياهو على خلفية اتهامه بالفساد ستقيّد قدرته على الذهاب نحو انتخابات ثالثة، في حال قرر المستشار القضائي، أفيحاي مندلبليت، تقديم لائحة اتهام بحقه، لأن قرار «المحكمة العليا» يقيّد تكليف عضو كنيست متهم في الوقت نفسه بالفساد بتشكيل الحكومة. مع ذلك، يتسلح أنصار نتنياهو بمقولة أن رئيس الحكومة تنتهي ولايته فقط بعد إدانته في قرار حكم نهائي، وأن ما ينطبق على الوزراء الذين يفرض عليهم القانون الاستقالة في حال توجيه لائحة اتهام بحقهم لا ينطبق على رئيس الحكومة.
الإشكالية التي تواجه نتنياهو الآن هي أن المسار القضائي يتوازى مع مسار تشكيل الحكومة، إذ من المفترض أن يدلي بإفادته أمام مندلبليت في الثاني من الشهر المقبل، في وقت تشي فيه التوقعات بأن القرار في شأن تقديم لائحة اتهام ضده سيكون في الشهر التالي (تشرين الثاني/ نوفمبر). وإذا ما صحّ ذلك، فقد يُتخذ قرار في هذا الشأن في ذروة المشاورات الائتلافية، على اعتبار أن التكليف سيستنفد - وفق ما هو ظاهر إلى الآن - وقته الذي يصل في حدّه الأقصى إلى 70 يوماً. لكن ماذا لو تم تقديم التماسات أمام «العليا»، وهو المرجّح، حول تكليف نتنياهو بتشكيل الحكومة؟ عندئذ سيضطر المستشار القضائي إلى أن يقدم صورة دقيقة عن الوضع القانوني لرئيس الوزراء أمام المحكمة كي تتخذ الأخيرة قراراً حاسماً.
في كل الأحوال، ما تشهده إسرائيل على المستويين الحكومي والقضائي أمر غير مسبوق في تاريخها، خاصة أن أحد المرشحين لتشكيل الحكومة يواجه في الوقت نفسه احتمالاً كبيراً جداً باتهامه رسمياً بالرشوة وخيانة الأمانة. واللافت أيضاً أن ليبرمان حقق نجاحاً نسبياً في الانتخابات، بل قد يكون الفائز الأول بمعايير معينة بعدما ثبت دوره كـ«بيضة القبان» في تشكيل الحكومة الجديدة. وليس من المبالغة القول إن مصير نتنياهو السياسي والحكومي بات مرتبطاً بموقف رئيس «إسرائيل بيتنا»، فيما يلاحظ أن ليبرمان اكتفى في كل السجال القائم بتأكيد شعاراته التي رفعها، وهي منبع مشكلة نتنياهو: حكومة وحدة علمانية من دون «حريديين»، تشارك فيها ثلاث كتل هي: «الليكود» و«أزرق أبيض» و«إسرائيل بيتنا».