مقالات مرتبطة
ويضيف عزيزي: «النقطة التي لم تأخذها أوروبا بالاعتبار هي أثر هذا الإجراء على التوجه الإيراني، وزيادة منسوب التشاؤم تجاه الاستمرار في البقاء في الاتفاق. هذا الإجراء اتُّخذ في ظروف كانت إيران قد أعلنت فيها أن الخطوة الخامسة لخفض الالتزامات هي آخر خطوة، وليس مقرراً أن تنتهي عمليات الوكالة الدولية للطاقة الذرية للمراقبة والإشراف. وكانت هذه إشارة إيجابية للطرف الأوروبي. لكن الآن، وبعدما حصل ما حصل، قد تلجأ إيران، كردة فعل، إلى تقييد وتقليص عمليات المراقبة، أو أن تنسحب نهائياً من الاتفاق». ويرى عزيزي أن تحقق هذين السيناريوين في المناخ الحالي مرجح بقدر متساوٍ، وتحقق أيّ سيناريو على أرض الواقع يتوقف على ما إذا كانت التطورات المستقبلية في العلاقات بين إيران وأميركا تتجه نحو التصعيد أو خفض التصعيد، أو ماذا ستكون نتيجة الانتخابات الأميركية، أو ما إذا كانت الضغوط الأميركية على أوروبا ستتواصل أو لا».
الإجراء الأوروبي سيؤدي إلى زيادة معارضة الاتفاق داخل إيران
من جهته، يلفت الصحافي والخبير بالقضايا الدولية جلال خوش جهرة، في حديث إلى «الأخبار»، إلى أن الإجراء الأوروبي الذي يمكن اعتباره رمزياً يهدف إلى ممارسة التهديد والتحذير الجادّ لإيران للعودة عن مسار خفض التزاماتها في الاتفاق. ويقول: «الخطوات الاحتجاجية الإيرانية متعلّقة بعجز الأطراف الأوروبية بعد الانسحاب الأميركي من الاتفاق، بحيث إن إيران كانت تأمل أن يبادر الأوروبيون، إضافة إلى مواقفهم المعلنة في التنديد بانسحاب أميركا من الاتفاق، إلى التعويض عن الخسائر التي لحقت بإيران، لكن لم يُتخذ إجراء مؤثر في هذا المجال فحسب، بل أصبح الأوروبيون يواكبون البيت الأبيض شيئاً فشيئاً». ويتوقع أن يجعل إعلان الأوروبيين وضع «آلية الزناد» موضع التطبيق الوضع «أكثر تأزماً»، ولا سيما أن هذا الاجراء «يعزز الظن لدى طهران بأن الأوروبيين، رغم مزاعمهم بحفظ الاتفاق، يفكرون بالتحالف مع واشنطن في فرض اتفاق جديد على طهران أو إعادة تعريف الاتفاق بآلية تستجيب لمطالب ترامب». ويتابع خوش جهرة: «الإعلان عن تطبيق آلية الزناد، وكذلك التصريحات كالتي أطلقها بوريس جونسون الذي قال إن مشروع دونالد ترامب حول البرنامج النووي الإيراني يمكن أن يكون بديلاً من الاتفاق النووي، لا تفضي إلى تصعيد الخلافات في العلاقات بين إيران وأوروبا فحسب، بل ستسهم في تعزيز سياسة الضغوط القصوى لإدارة ترامب وما يستتبعها من زيادة سوء الظن والتوترات في منطقة الخليج». ويحذّر من أنه «على الرغم من ضبط النفس الذي اعتُمد من قبل جميع الأطراف خلال الأيام الأخيرة الحافلة بالأحداث، فإنه يبدو أن الجميع وإصبعهم على الزناد باتوا يراقبون سلوك وتصرفات أحدهم الآخر».
كلّ ما تقدّم قد يقود إلى ترجيح أن الهدف الرئيسي لأوروبا، من تفعيل الآلية، يتمثل في خوض محادثات مع إيران والسعي لإقناعها بتغيير قرارها والرجوع إلى تنفيذ الاتفاق. فمن المستبعد أن يتمّ إلغاء الاتفاق واستئناف العقوبات الدولية على إيران. لكن من غير الواضح، في الظروف التي لم يتمكّن فيها الأوروبيون من مساعدة إيران على الانتفاع بالاتفاق، الدافع الذي يجعل طهران تعود إلى المربع الأول وتتراجع عن جميع خطواتها التي اتخذتها لخفض التزاماتها، ما يجعل الجميع أمام طريق مسدود يصعب الخروج منه.