أما على صعيد القوائم، وبعد إخفاق «المحافظين» في توحيد قوائمهم على مدى عام كامل، وتقديمهم العديد من اللوائح والتي كانت أهمّها لائحة «كوادر الثورة الإسلامية» ولائحة «جبهة الصمود»، وانسحاب أمين عام الأخيرة مرتضى أقاتهراني اعتراضاً على تصدّر رئيس بلدية طهران الأسبق والجنرال المتقاعد في الحرس الثوري محمد باقر قاليباف، استفاقت إيران الأربعاء على تحالف وُصف بالمفاجئ. إذ عاد «المحافظون» وتوحّدوا في لائحة ضمّت القائمتين، وُقّع بيانها المشترك بين غلام حداد عادل ومرتضى أقاتهرانى، تحت عنوان «قائمة الاتحاد». يذكر أن مصادر «جبهة الصمود» نقلت عنها أنه ما زال هناك تحفّظ على قاليباف، لكن تقرّر خوض الانتخابات بلائحة واحدة لما فيه مصلحة للتيار المحافظ وتجنّب لنزف الأصوات الانتخابية خصوصاً في طهران.
57 مليوناً و 918 ألفاً يحق لهم التصويت
وفي السياق، يقول المستشار الثقافي السابق للسفارة الإيرانية في بيروت، محمد مهدي شريعتمدار، لـ«الأخبار»، إنه على قلّة مرشحي التيار «الإصلاحي»، إلا أن «جزءاً كبيراً من الإصلاحيين وتنظيماتهم الرسمية أعلنوا عن مشاركتهم في هذه الانتخابات»، على رغم عدم وجود تنافس في بعض المدن الإيرانية. ويضيف أن «التقسيم الذي اعتدنا عليه، على الأقلّ في العقدين الأخيرين، بين أصولي واصلاحي هو تقسيم تقليدي يتلاشى اليوم، وقد شابه التغيير، فهناك حالة من دخول بعض التجّمعات الشبابية التي تطالب بتحقيق العدالة الاجتماعية، وتؤمن بأن القادة التقليديين لكلا التيارين استنفدوا كلّ طاقاتهم في السنوات الأخيرة، ولم يتمكّنوا من تحقيق بعض الطموحات والأهداف التي يطمح إليها الشعب». وفي إشارة إلى «التيار الثالث»، وقوامه شباب ناشطون في حملات مكافحة الفساد، يضيف: «لذلك، هناك حالة من هذه التجمّعات التي لم تصل بعد إلى مستوى التنظيمات السياسية، وليست لديها مكاتبها وإعلامها، ولكنها قد تكون مؤثرة على المعترك الانتخابي، لأنها استطاعت أن تؤثّر على القوائم التقليدية، وترشّح مجموعة من الشباب الذين يبحثون عن أساليب وآليات جديدة لتحقيق أهداف الشعب». وإذ يشكّك شريعتمدار في الاتهامات بأن رفض طلبات الترشيح كان عشوائياً أو سياسياً، نظراً للآليات القانونية وغياب أدلّة على تلك الاتهامات، يتوقع أن تكون نسبة المشاركة في الانتخابات بين 54 و55 في المئة «وهي نسبة مقبولة، إذ إنه في الجولات العشر الماضية كانت النسبة الطبيعية بين الخمسين والستين في المئة، علماً أنها وصلت إلى السبعين في المئة في دورة واحدة فقط».
أما النائب الحالي في البرلمان، علي ساري، فيشدد في حديث إلى «الأخبار» على رفض تحميل البرلمان الحالي أو حكومة روحاني فشل السياسات الداخلية والخارجية، لاسيما في ظلّ الحملة الأميركية ضدّ إيران. ويرى أن المرشحين في البلاد ينقسمون بين «أصولي» و«إصلاحي» ومستقل، مذكّراً بأن عدد المرشحين «المحافظين» الذين نالوا الأهلية للترشح يفوق أولئك «الإصلاحيين» بفارق كبير، «وهذا ما يخوّلهم الفوز في معظم المقاعد النيابية في الانتخابات المقبلة». ويدافع ساري عن الأكثرية «الإصلاحية» في البرلمان الحالي، باعتبار أن النواب «لم يكونوا جميعاً من هذا التيار، فبعضهم كان فقط يشبهه من حيث التفكير وحُسب عليه، الأمر الذي ساهم في القول بأن التيار الاصلاحي أخذ فرصته في الأغلبية التشريعية ولم يستطع حلّ قسم من الأزمات التي تعاني منها البلاد وأضعف موقفه في هذه الانتخابات». ويضيف: «لكن من حيث المبدأ، فإن هذا المجلس استطاع نوعاً ما، وفي ظلّ التحديات الصعبة، تأمين بعض الاستقرار الاقتصادي للبلاد».
يرى التيار «الإصلاحي»، الذي قدّمت أحزابه 3 قوائم، أن نسبة الإقبال المتدنّية على هذه الانتخابات ومقاطعتها هي التي ستفرض نفسها، مع العلم أن الأماكن التي توجد فيها معارك انتخابية وقُبل فيها مرشحون «إصلاحيون» لن تؤثر على أصواتهم ونفوذهم، «ولا خوف من تحالف أو غير تحالف محافظ لأنه لا شك أنهم أصحاب الشعبية الأكبر»، على حدّ تعبير مرشحهم الأبرز مجيد أنصاري. على عكس الانتخابات الماضية، يطوي روحاني ولايته الثانية مُهدَّداً بالعزل السياسي، وعلى عاتقه بعض من نتائج الضيق الاقتصادي الذي تعانيه إيران، بالإضافة إلى دخول التيار «الإصلاحي» هذه المعركة بمشاركة خجولة وشعبية متلاشية. وفي انتظار ما ستكشفه صناديق الاقتراع التي تُفتح صباح اليوم، يبدو واضحاً أن عين «المحافظين» على رئاسة الجمهورية، وهو ما ظهّرته تغريدة المرشح المحافظ حميد راسيي أمس: «روحانى يجب أن يرحل»!