ويقول الكاتب إنه يمكن عدّ الكثير من أسباب اختراب العلاقات بين الطرفين، لكن أحد أهم هذه الأسباب هو الاحتضان التركي لتنظيم "الإخوان". أمّا مسألة اغتيال جمال خاشقجي، فقد طرحت أسئلة عن سبب وجوده في تركيا وفي ظل حماية سلطة "العدالة والتنمية"، ونظر إليه على أنه صحافي معارض للسعودية قتل في إسطنبول من دون ربط ذلك بـ"الإخوان". كذلك العلاقات مع الإمارات العربية المتحدة التي تشن حرباً شعواء على "الإخوان" الذين تدعمهم تركيا، كما تدعم قطر من الزاوية ذاتها، ما أدى إلى تخريب العلاقات بين الإمارات وتركيا.
ويقول أوزاوغورلو إن البلد الثاني، بعد تركيا، في المنطقة المتفهم لـ"الإخوان" هو إيران. وهذه لها علاقات جيدة مع "الإخوان" في مواجهة "العدو المشترك" السعودية. ومع وصول عبد الفتاح السيسي إلى السلطة تراجعت العلاقات المصرية - الإيرانية بسبب "الإخوان". أيضاً، فإن من عوامل التقارب بين إيران الشيعية و"الإخوان المسلمين" السنّة هو العداء المشترك لإسرائيل، حيث "حماس" النسخة الفلسطينية لـ"الإخوان" المسلمين. أمّا في ليبيا، فإن انتماء وزير الداخلية الليبي فتحي باش آغا، الإخواني، خلق مشكلات حتى داخل حكومة السراج. وفي التطورات المتعلقة بليبيا، ستكون علاقة تركيا بـ"الإخوان" عنصراً يشار إليه دائماً. ويختم الكاتب تساؤلاته عمّا إذا كانت تركيا في وارد التخلي عن عنصر "الإخوان المسلمين" في سياساتها الخارجية، وهو العامل الذي خرّب كل علاقات تركيا الخارجية، متسائلاً عن سبب إصرار أنقرة على الاستثمار الخاطئ في المستقبل عبر منظمة "الإخوان".
ليس واقعياً أن نتوقع انعطافة حادة في العلاقات التركية – المصرية
وفي السياق ذاته، يتساءل المختص في الشؤون الخارجية إرول مانيصالي، في صحيفة "جمهورييت"، عن سبب اختراب علاقات تركيا الخارجية مع كل الدول؟ ويقول مانيصالي إنه، باستثناء "قطر الدويلة الدمية"، كانت تركيا على عداء مع كل العالم العربي. وانكسرت العلاقات مع سوريا بعدما كانت حقلاً من الورود والأزاهير، وذلك بسبب دعم تركيا لـ"الإخوان" والمتشددين الإسلاميين المعروفين باسم "الجهاديين". وكانت أميركا مسرورة من هذا الوضع. وتكرر السيناريو مع مصر بسبب "الإخوان". وفي ليبيا، انحازت أنقرة بلا مبرر إلى طرف في صراعات داخلية، ومجدداً كانت أميركا مسرورة. ويرى مانيصالي أن ممارسات حزب "العدالة والتنمية" غيّرت حدود وبنى الدول العربية ومزقتها. والمفارقة أن حزب "العدالة والتنمية" بسعيه إلى دعم الاتجاهات الإسلامية في دول "الربيع العربي" إنما كان يبتعد عن القيم الديموقراطية والمعاصرة لجمهورية تركيا ويدافع عن إيديولوجيات شرق أوسطية. تحوّلت تركيا إلى بلد يضرب المساواة بين الرجل والمرأة والعلمانية والقيم المدنية. ويتساءل مانيصالي عمّا إذا كان من خطأ في حسابات "العدالة والتنمية" أم أنه يفعل ذلك وهو مدرك لكل العواقب؟ وينهي مانيصالي قائلاً إنه كلما وطئت أقدام الإسلام السياسي أراضي الأناضول كان التعاون مع الإمبريالية، ونموذج جماعة فتح الله غولن آخر نموذج على ذلك.
وكان سادات أرغين قد كتب قبل أيام في صحيفة "حرييت" الموالية لحزب "العدالة والتنمية" أن اللقاءات السرية بين المخابرات المصرية والتركية قائمة، وهي تتناول الوضع في ليبيا ومسائل أخرى. ويقول أرغين إن هذا يشبه اللقاءات التي يعقدها رئيس الاستخبارات التركية حاقان فيدان مع نظيره السوري علي مملوك. حيث إنه عندما تنسد الطرق أمام القادة السياسيين، لا بد أن تبقى خطوط مفتوحة على صعيد الاستخبارات. ويعتقد أرغين أن رسائل تركيا إلى مصر لم تنقطع، ومنها اعتبار الناطق باسم الرئاسة التركية إبراهيم قالين، قبل فترة، أن مصر يمكنها أن تلعب دوراً بنّاءً في ليبيا كذلك في أيّ دولة أخرى، ومنها قطر. وينهي أرغين مقالته بالقول إنه ليس واقعياً أن نتوقع انعطافة حادة في العلاقات التركية – المصرية، لكن عدم قطع كل الخيوط والدخول في حوار بضوابط عالية سوف يكون في فائدة البلدين.
اشترك في «الأخبار» على يوتيوب هنا