أبعاد الخلاف
يوضح الباحث الإيراني المختصّ بالشأن الدولي، رحمان قهرمان بور، أن «أوّل قضية خلافية بين إيران والوكالة الدولية للطاقة الذرية، تتمثّل في وقف طهران تنفيذ البروتوكول الإضافي، وذلك ردّاً على انسحاب واشنطن من الاتفاق النووي، واقتصار عمليات الوكالة الدولية للمراقبة على نظام الضمانات المنصوص عليها في معاهدة الحدّ من انتشار الأسلحة النووية»، مبيّناً أنه «في هذه الحالة، سيكون بمقدور الوكالة الوصول إلى المراكز التي تحدّدها إيران فقط». ويلفت قهرمان بور إلى أن «القضية الخلافية الثانية، هي أن الوكالة الدولية، وتأسيساً على الوثائق التي سلّمتها إياها إسرائيل، تطالب بزيارة مواقع في إيران، قالت إن عددها يصل إلى أربعة، بيد أن التقرير الذي كتبه أخيراً ديفيد أولبرايت يُظهر أن إسرائيل طالبت الوكالة بالوصول إلى نحو 17 موقعاً مشتبهاً فيه. بمعنى أنه إن سمحت إيران للوكالة الدولية بتفتيش المواقع الأربعة، فإن مطالب الوكالة لن تنتهي وستستمرّ»، مضيفاً أن «الطرف الإيراني يحاجج بأن القضية المتعلّقة بالشقّ العسكري المحتمل للبرنامج النووي الإيراني، قد سُوّيت في إطار الاتفاق النووي، وعليه لن يكون بوسع الوكالة الدولية إثارة مواضيع جديدة في هذا المجال»، مستدركاً بأن «الوكالة لا تقبل بالاستدلال الإيراني في هذا المجال، وتقول إنها قادرة على تنفيذ عمليات التفتيش متى ما حصلت على معطيات ومعلومات من أيّ مصدر كان».
يُحتمل تقديم الدول الغربية قراراً ضدّ إيران في مجلس حكّام «الوكالة الدولية للطاقة الذرية»
ويشير الباحث الإيراني إلى أن «القضية الخلافية الثالثة بين إيران والوكالة الدولية، تتمثّل في موضوع أجهزة الطرد المركزي المتطوّرة، القادرة على زيادة سرعة التخصيب بعدّة أمثال، أو كما يقول الغربيون تقليص مدّة الطرد النووي». وعن المتوقّع من اجتماع مجلس حكّام الوكالة، قال إن «الأوروبيين طالبوا في الاجتماع الموسمي السابق بإصدار قرار ضدّ إيران، التي توعّدت بأنه في حال حصل ذلك، فإنها ستوقف تعاونها مع الوكالة الدولية، ما دفع بالأوروبيين إلى التراجع عن موقفهم». ويتابع أنه «في الاجتماع المقبل، ستتمّ إثارة هذا الموضوع، لكن، نظراً إلى أن حكومة رئيسي قد تسلّمت مهام عملها حديثاً، فإن الأوروبيين والأميركيين قد يمنحون طهران فرصة أخرى، حتى موعد الاجتماع التالي في تشرين الثاني». مع ذلك، يؤكد قهرمان بور أنه «في حال جرى تبنّي قرار ضدّ إيران في اجتماع الأسبوع المقبل، فإن دافع طهران للعودة إلى طاولة المفاوضات، سينحسر، كما سيتّسم سلوكها بمزيد من الحدّة والتصلّب». وعن آفاق المحادثات، يذكّر بأن «إيران بصدد إعادة إحياء الاتفاق النووي ورفع العقوبات، لأنها بحاجة إلى ذلك لدواعٍ اقتصادية»، بيد أنه يلفت إلى أن «المحادثات وصلت، في الوقت الحاضر، إلى طريق مسدود، بفعل التعنّت الأميركي المتمثّل في الإبقاء على بعض العقوبات، فضلاً عن أن طهران وواشنطن تبحثان، من خلال الأدوات التي بحوزتهما، عن سبل لزيادة قدرتهما على المساومة». ويخلص إلى أن «نافذة التوافق يمكن أن تبقى مفتوحة حتى موعد أقصاه خمسة أو ستة أشهر»، مستدركاً بأنه «بسبب تصاعد الخلافات، وتعرّض الحكومتَين الإيرانية والأميركية للضغوط الداخلية، فإن العودة إلى الاتفاق النووي ستصبح عسيرة ومكلفة».