يسود الأوساطَ الإيرانية تشكيكٌ كبير في مستقبل المحادثات النووية
وإلى جانب المعضلة المتّصلة بوضع الحرس الثوري، يأتي التوتر المتصاعد بين روسيا والغرب ليمثّل، هو الآخر، عقبة في طريق الاتفاق، وخصوصاً أن التصريحات الأخيرة لكبير المفاوضين الروس، ميخائيل أوليانوف، تُظهر أن بلاده لا تبدي حماسة لإحياء الصفقة النووية حالياً. إذ قال أوليانوف، في تغريدة يزم الجمعة الماضي: "لو كانت الظروف مختلفة، لكان بوسع روسيا على الأرجح مساعدة الطرفين (إيران وأميركا) على التوصّل إلى توافق نهائي بشأن الاتفاق النووي، لكن الآن كلا"، موضحاً أن بلاده "لا يمكن أن تتوقّع محادثات مثمرة مع أميركا، لأن الأخيرة تخوض الآن حرباً بالوكالة مع روسيا".
من جهة أخرى، يبدو أن ثمة مشكلات فنية من شأن عدم تسويتها أن يعرقل، أيضاً، إمكانية إحياء الاتفاق النووي. وفي هذا الإطار، تطرّق المدير العام لـ"الوكالة الدولية للطاقة الذرية"، رافايل غروسي، في تصريحاته الأخيرة أمام البرلمان الأوروبي، مرّة أخرى، إلى قضية مشاهدة آثار اليورانيوم المخصّب في إيران. وقال غروسي إن خبراء الوكالة سجلوا وجود هذا اليورانيوم في مواقع لم تصرّح عنها إيران سابقاً على أنها مواقع تخصيب. وبذلك، يكون غروسي قد اتّهم إيران، مبطناً، بممارسة التستّر على برنامجها النووي. وعلى الرغم من أن مسؤولي الجمهورية الإسلامية نفوا تلك المزاعم، واعتبروها بلا أساس، وأكدوا أنهم قدموا لخبراء الوكالة الدولية جميع الإيضاحات اللازمة، غير أن تصريحات غروسي تُظهر أن هذه القضية يمكن أن تشكّل عامل تأزيم للمفاوضات.
وعلى أيّ حال، لا يبدو أن ثمّة تفاؤلاً إيرانياً بالمحادثات؛ إذ يسود الأوساطَ الإيرانية تشكيكٌ كبير في مستقبلها. وفي هذا الإطار، أشارت صحيفة "اعتماد" إلى أنه لم يُعلَن حتى الآن أيّ موعد لاستئناف المفاوضات، ولم تقدَّم تفاصيل بشأن شكلها وصيغتها، وعمّا إذا كانت ستجرى كما الجولات الثماني السابقة في فيينا بين إيران و1+4 وبصورة منفصلة بين 1+4 وأميركا، أو أن ذلك سيتغيّر. واتهمت صحیفة "سياست روز" الأصولیة، من جهتها، الولايات المتحدة بالتسبّب في وقف مفاوضات فيينا، ورأت أن 'الجمهوريين والديموقراطيين وجهان لعملة واحدة"، مؤكدة أنه "لا جديد في ملفّ الاتفاق النووي، ولا يُتوقع حدوث تغيير في مسار المحادثات". وأضافت إن إيران أدركت أنه "لا أمل في إحياء الاتفاق النووي، ولهذا فإنها لن تعطّل إجراءاتها في سبيل المفاوضات النووية، بل تستمرّ في خططها بعدما ثبت عدم رغبة واشنطن في العودة إلى الاتفاق، وعجز الدول الأوروبية عن الوفاء بتعهداتها".