وعلى الرغم من هذه المبادرة، قوبلت زيارة إردوغان باعتراض، حتى من قِبَل «جمعية غازي حسين» الموجودة في المبنى نفسه، حيث يوجد الوقف. وبحسب مسؤولي الجمعية، فإنهم علموا بأمر الزيارة من وسائل الإعلام، وبأن زيارة رئيس الجمهورية «مرحّب بها في كل وقت، لكن أن تتمّ بطريقة ضاغطة كما حصل، فهذا أمر غير مقبول». ورأى هؤلاء أن الزيارة، بالطريقة التي تمّت فيها، تُظهر عجز حزب «العدالة والتنمية»، و«ليس من حقّ الرئاسة أن تحدِّد مَن يحضر اللقاء ومَن لا يحضره. بل أكثر من ذلك، فإن الشكل الداخلي لبيت جمع حسين غازي جرى تغييره من أجل الزيارة... حيث انتُزعت من على الجدران ثلاث صور كبيرة جداً لكلٍّ من الإمام علي بن أبي طالب، وحاجي بكتاش، ومصطفى كمال أتاتورك، كما مجسّم سيف ذو الفقار، ورأس غزال، وعُلِّقت بدلاً منها لوحات خطوط وأقوال بالعربية لأسماء دينية وما شابه، فيما عُلِّقت اللوحات المنزوعة، على حائط جانبي بحيث لا تظهر في خلفية مكان جلوس إردوغان».
شارك زعماء المعارضة التركية في نشاطات الجمعيات العلويّة لمناسبة عاشوراء
ووفق رئيس الجمعية، مليح هيز، فإن على السلطة أن تعترف ببيوت الجمع، وأن تطبِّق قرار الجمعية الأوروبية لحقوق الإنسان في هذا الشأن، وأن توقف بناء الجوامع في القرى العلوية وتسحب رجال الدين السنّة منها، وأن تعيد المراكز الدينية العلوية المصادَرة من قِبَل الدولة إلى المجتمع العلوي، ووقْف التمييز في الحياة الاجتماعية ضدّ العلويّين. من جهته، قال رئيس «جمعية بير سلطان عبدال الثقافية»، جمعة أرتشي، إن السلطة تعمل على محاولة خلْق فتنة بين العلويّين وتقسيمهم، معتبراً أن القيام بأعمال استعراضية في العاشر من محرَّم، وتحويل المناسبة - مع اقتراب الانتخابات الرئاسية - إلى استغلال سياسي، أمرٌ مرفوض ويخفي نيات مبيّتة. وأشار أرتشي إلى أنهم تقدَّموا بعشرات الطلبات، لكن بدلاً من الاعتراف ببيوت الجمع وبالهوية العلويّة، انصرفت سلطة «العدالة والتنمية»، منذ عشرين عاماً، إلى «تعريف العلويّة على مزاجها، والاعتداء على دور عبادة العلويّين». وأضاف إن الاعتداءات التي حصلت على دور العبادة العلويّة خلال عاشوراء «ليست عملاً فرديّاً، بل دبّرتها جهات ظلامية. واليوم، يريدون توزيع الوعود الوهميّة». أمّا بالنسبة إلى رئيس «الفدرالية العلويّة البكتاشية»، مصطفى أصلان، فإنّ أحداً لم يُدعَ للمشاركة في الإفطار المذكور، إذ تعمل السلطة على «صَهْر العلويين وتذويب هويّتهم».
وتمظهر الحدث الثاني في مشاركة زعماء المعارضة التركية في نشاطات الجمعيات العلويّة لمناسبة عاشوراء، إذ لوحظ أوّلاً أن الرئيس التركي لم يكن حاضراً في إحياء ذكرى العاشر من المحرَّم في مقرّ الوقف الزينبي الجعفري الشيعي في منطقة حلقه لي في ضاحية إسطنبول، علماً بأنه شارك في هذه المناسبة أكثر من مرّة عشيّة «الربيع العربي». وحضر المناسبة رئيس «حزب الشعب الجمهوري» المعارض كمال كيليتشدار أوغلو، ورئيس بلدية إسطنبول أكرم إمام أوغلو، اللذين وقفا جنباً إلى جنب رئيس الوقف الزينبي الجعفري، صلاح الدين أوز غوندوز. وكانت لكيليتشدار أوغلو كلمةً للمناسبة، اتّهم فيها الرئيس التركي - من دون أن يسمّيه - بأنّه «يبكي على الحسين، لكنه يتصرّف مثل يزيد». وقال: «نحن لسنا من طينة هؤلاء... إن الحسين في كربلاء كان يدافع عن العدالة باسم كل البشرية، ونحن نقف إلى جانب العدالة التي مثّلها الحسين في كربلاء». وقام كل من رئيس «حزب الديموقراطية والتقدّم» علي باباجان، ورئيس «حزب المستقبل» أحمد داود أوغلو، ورئيسة «الحزب الجيّد» مرال آقشينير، بزيارات لبيوت جمع، حيث التقوا المسؤولين فيها في وقفة تضامن معهم ضدّ الاعتداءات التي حصلت.