حالت الضوضاء السياسية الناتجة من الخطاب المعادي للصين دون تعميق علاقات بكين وبرازيليا
وفي الحديث عن الصين، تَبرز الأخيرة بوصْفها حالياً من أكبر المستثمرين في البرازيل، حيث سجّل الميزان التجاري بينهما، العام الماضي، حوالي 135 مليار دولار، متفوّقاً بذلك على نصيب الولايات المتحدة. وهنا، يرى الكاتب في مجلّة «فورين أفيرز»، بريان وينتر، أن الصين لطالما كانت سبباً رئيساً لنجاح البرازيل؛ إذ إن النموّ المطّرد الذي شهدته الأخيرة في العقد الأوّل من القرن الحالي (عندما كان لولا رئيساً) يعود إلى ارتفاع الطلب الصيني على السلع اللاتينية، وهو ما «وفّر مكاسب غير متوقّعة من العملة الصعبة التي استخدمتْها العديد من الحكومات، بما فيها حكومة لولا، لتمويل برامج الرعاية الاجتماعية وغيرها من الإنفاق العام»، بحسب وينتر. وإذ يَتوقّع الكاتب أن يسعى الرئيس البرازيلي الجديد إلى «توثيق العلاقات مع الصين»، فإنه يرجّح أن ينشّط لولا سياسته الخارجية التي اتّبعها خلال فترات حُكمه السابقة، لجهة تعميق الارتباط مع دول العالم الثالث، سواء في أفريقيا أو جنوب آسيا أو أميركا اللاتينية. وإلى أبعد من ذلك تذهب مجلّة «ذي أتلانتك» الأميركية، متوقّعةً «تعمُّق العلاقات الثنائية في مجالات خارج الاقتصاد»، ناقلةً عن مديرة التجارة والعلاقات الدولية في «اتحاد الصناعات» في ولاية ساو باولو، تاتيانا برازيريس، قولها إن «الضوضاء السياسية الناتجة من الخطاب المعادي للصين، حالت دون تعميق العلاقات الثنائية في مجالات أخرى، مِن مِثل العلوم والتكنولوجيا»، وهو ما لم يَعُد الحال اليوم.
في المقابل، وإذ تضع إدارة بايدن رهانها على العداء المشترك للتطرّف اليميني، وما تُسمّيه «الاحترام المتبادل للديموقراطية»، من أجل تقوية العلاقات مع البرازيل، وفق ما يَلفت إليه الكاتب أندريه باجلياريني في صحيفة «ذا غارديان» البريطانية، فإن ثمّة عاملاً آخر يمكن أن يدفع بـ«التعاون» قُدُماً، وهو أزمة المناخ التي أعلن لولا، عشيّة فوزه، أن بلاده «ستكون مستعدّة لاستئناف دورها الرائد في مكافحتها»، بعدما شهدت سنوات حُكم بولسونارو تسارعاً في وتيرة تجريف «الأمازون»، أكبر غابة استوائية في العالم، حيث قُدّرت المساحة التي اختفت منها بين صيفَي 2019 و2021 فقط، بأنها أكبر من مساحة بلجيكا بأكملها. ومن جهته، كان بايدن اقترح، خلال حملته الانتخابية، إنشاء صندوق دولي بمليار دولار، بقيادة واشنطن، لمساعدة برازيليا على دفْع تكاليف الحفاظ على الغابات، الأمر الذي يمكن أن يجد دفْعاً في المرحلة المقبلة. وعلى المستوى الأوروبي، أعلنت رئيسة المفوّضية الأوروبية، أورسولا فون دير لاين، أنها تتطلّع إلى العمل مع برازيليا لـ«مواجهة التحدّيات العالمية الملحّة، من الأمن الغذائي إلى التجارة وتغيّر المناخ»، فيما أعربت مجلّة «بوليتيكو» عن اعتقادها بأن التغيّر الدراماتيكي المتوقَّع في سياسة البرازيل قد يؤدي إلى «فتح باب المفاوضات بشأن التصديق على اتفاق تجاري بين الاتحاد الأوروبي وميركوسور» - تكتّل اقتصادي في أميركا اللاتينية، تأسّس عام 1991 ليصبح في ما بعد ضمن أكبر التكتلات الاقتصادية في العالم - كان أُنهي العمل به رسمياً عام 2019 بسبب مخاوف أوروبية.