وبالتزامن مع إحياء العلاقات الديبلوماسية بين طهران والرياض، تكثّفت الاتصالات واللقاءات بين كبار المسؤولين الأمنيين الأميركيين والمسؤولين السعوديين. وفي هذا الإطار، أجرى مستشار الأمن القومي الأميركي، جايك سولفيان، اتصالاً بوليّ العهد السعودي، محمد بن سلمان، يوم الثلاثاء الماضي، وذلك بعد أيام من سفر مدير وكالة الاستخبارات المركزية الأميركية، وليام برنز، إلى السعودية، للغرض نفسه. وأدّى تصاعُد دور الصين بوصفها منافساً للولايات المتحدة في المنطقة، وابتعاد السعودية بوصفها حليفاً رئيساً لأميركا، بعض الشيء عن الأخيرة، إلى أن تتابع السلطات الأميركية التطوّرات الراهنة التي تطرأ في المنطقة بحساسيّة وقلق. وقبل مدّة، وافق مجلس الوزراء السعودي على قرار انضمام المملكة إلى «منظّمة شنغهاي للتعاون»، والتي تُعدّ اتحاداً سياسيّاً وأمنيّاً يضمّ إلى الصين، كلّاً من الهند وروسيا وإيران. ووفق مراقبين، فإن هذه المنظّمة التي تضمّ في عضويتها دول الاتحاد السوفياتي السابق في آسيا الوسطى أيضاً، تشكّل ثقلاً لموازنة النفوذ الغربي في المنطقة. وعلى رغم أن المملكة خطت الخطوة الأولى في اتّجاه الانضمام إلى المنظّمة، غير أن واشنطن قالت إن محاولات بكين لتوسيع النفوذ في أرجاء العالم، لن تغيّر من سياسة الولايات المتحدة في الشرق الأوسط. ويذهب بعض المراقبين إلى أن الدول المطلّة على الخليج تبحث عن شركاء جدد لها في المنطقة، على رغم أن واشنطن تقول إنها ستبقى نشطة هناك.
تكثّفت الاتصالات واللقاءات بين كبار المسؤولين الأمنيين الأميركيين والسعوديين
أما الأوساط السياسية والإعلامية الإيرانية، فقد رأت أن استئناف العلاقات بين طهران والرياض، لا يخدم أميركا والكيان الإسرائيلي. وكتبت صحيفة «إيران» الحكومية، في هذا الإطار، أن «اقتراب طهران والرياض مجدّداً من بعضهما البعض، يجعل جميع مسارات السياسة الخارجية للكيان الصهيوني للتقارب مع الدول العربية بهدف عزل طهران، تواجه الفشل والانهيار. وهذا الأمر، يحول، في الوقت ذاته، دون أن يتشبّث بنيامين نتنياهو، رئيس وزراء الكيان الصهيوني، بالعداء مع الجمهورية الإسلامية كوسيلة للتغلّب على مشكلاته الداخلية». وبحسب الصحيفة، فإن الوجه الآخر لاستئناف العلاقات الإيرانية - السعودية «يتمّ تقييمه في إطار هزيمة السياسة الشرق أوسطية للولايات المتحدة. إن هذا التصوّر الأميركي عن أنه يمكن في سياق النظرة التقليدية للعلاقات مع الحلفاء العرب، بمن فيهم الرياض، تحويل إيران إلى لاعب معزول في الساحة، قد انهار».