أعلنت الحكومة البريطانية عزمها على تزويد أوكرانيا بمئات الطائرات الهجومية من دون طيار
لكن مطّلعين على أجواء جولة الرئيس الأوكراني الأوروبية، أكدوا أن على رأس قائمة الطلبات التي تقدَّم بها لحلفائه، طائرات هجومية مقاتلة متطوّرة. ففي لندن، حيث حظي زيلينسكي باستقبال دافئ من طرف رئيس الوزراء ريشي سوناك، أعلنت الحكومة البريطانية عزمها على تزويد أوكرانيا بمئات الطائرات الهجومية من دون طيار، بالإضافة إلى المزيد من صواريخ كروز «ستورم شادو» طويلة المدى التي بدأ تسليمها بالفعل لتعزيز القدرات الصاروخية لأوكرانيا. ووعد سوناك، زيلينسكي، بتوفير فرص لطيّاري المقاتلات الأوكرانية بالتدرُّب مع سلاح الجو الملكي على قيادة المقاتلات الأميركية الصنع من طراز «إف-16». وكانت روسيا قد أعلنت للمرّة الأولى، الأسبوع الماضي، إسقاط صاروخ بريطاني من طراز «ستورم شادو» خلال استهداف لمواقع صناعية في مدينة لوغانسك التي تسيطر عليها موسكو. ويبدو مجموع هذه التعهّدات الإضافية ضروريّاً لاستكمال الاستعدادات لهجوم أوكراني معاكس طال انتظاره، يُعتقد أنه يستهدف استعادة الجزء الأكبر من مدينة باخموت الاستراتيجية التي سيطرت على معظمها القوات الروسية. وتُعدّ هذه المدينة عقدة دفاعيّة مهمّة تم بناء تحصيناتها المضادة لهجمات نووية تحت الأرض أيام الاتحاد السوفياتي. ويقول الخبراء إن باخموت المدينة تتموضع فوق قلعة حصينة من الأنفاق على عدّة طوابق تحتوي على وسائل تتيح ديمومة الصمود لوقت طويل. وفيما أدان الناطق باسم الكرملين، ديمتري بيسكوف، قرار بريطانيا توريد صواريخ طويلة المدى لكييف، معتبراً إيّاه «تطوّراً سلبيّاً للغاية»، أشاد زيلينسكي بالمساعدات العسكرية التي وصفها بـ«المهمّة والقويّة» من بريطانيا وفرنسا وألمانيا. وقال من لندن، إن «الأولوية، خلال محادثاتي مع الحلفاء، تركّزت حول إجراءاتنا الهجومية المضادة، وأنا سعيد جدّاً بالإنجازات والاتفاقات التي توصّلنا إليها»، مشيراً إلى أنه «متفائل للغاية» في شأن صفقة سريعة للحصول على طائرات مقاتلة من الحلفاء الغربيين، وإلى أن القرار سيأتي «في أقرب وقت، مع أن هنالك حاجة إلى مزيد من العمل لتأمين ذلك».
من جهته، توقّع الأمين العام لـ«الناتو»، ينس ستولتنبرغ، خلال قمّة كوبنهاغن للديموقراطية، الاثنين، التزام الحلف ببرنامج دعم على مدى سنوات لمساعدة أوكرانيا على الاقتراب من المعايير العسكرية للحلف، مشيراً إلى أن هذه التفاصيل ستناقَش خلال قمّة «الأطلسي» في العاصمة الليتوانية، فيلنيوس، في تموز المقبل. وعلى رغم أن صيغ الدعم الأوروبي المعلَنة هذه لن تضمن نجاحاً كاسحاً للهجوم الأوكراني المتوقّع، فإنّها ستجعل تكلفة المواجهة باهظة التكاليف بالنسبة إلى موسكو، وتشير، في مجموعها، إلى انخراط عسكري متزايد (وعلني) للقارة القديمة في الحرب ضدّ روسيا، في مقابل تكتّم أميركي ملحوظ على أوجه دعم واشنطن (المستمرّ) للجيش الأوكراني.
ويبدو جليّاً أن الحرب التي تقودها الولايات المتحدة ضدّ روسيا على الملعب الأوكراني، لا تخاض فقط على الجبهات العسكرية، وقد لا تكسبها بشكل حاسم في ساحة المعركة بالنظر إلى القدرات الفائقة للجيش الروسي؛ لكن الأميركيين، منذ اندلاع الحرب في شباط 2022، اتّبعوا نهجاً استراتيجياً ثنائياً يوازي بين تقوية أوكرانيا (عسكريّاً)، وإضعاف روسيا (اقتصادياً). ولذلك، فإن حلفاء زيلينسكي الأوروبيين يناقشون إلى جانب أوجه تدعيم المجهود الحربي للجيش الأوكراني، حزمة إضافية من العقوبات ضدّ روسيا، ستكون الحادية عشرة من نوعها منذ ضمّ موسكو للقرم في 2014. ومن المتوقّع أن تكون مسألة العقوبات على روسيا أيضاً على جدول أعمال قمّة مجموعة الدول الغربية السبع (G7) في هيروشيما، اليابان، نهاية الأسبوع الجاري. وهناك تحضيرات لاعتماد تدابير لفرض قيود إضافية على الصادرات إلى روسيا، وخنْق قطاع الطاقة الروسي، وجعل مسألة التعامل معها مرهقة لحلفائها، ولا سيما الصين. والدول الأوروبية الأربع التي زارها زيلينسكي، خلال الأيام القليلة الماضية - إيطاليا، ألمانيا، فرنسا وبريطانيا -، كلّها أعضاء في «مجموعة السبع»، إلى جانب الولايات المتحدة واليابان وكندا.
وفي هذه الأثناء، بدأ المبعوث الصيني، لي هوي، جولة في العواصم الأوروبية، ستشمل أيضاً موسكو وكييف، لاستكشاف إمكانية الوصول إلى تسوية سياسية للحرب في أوكرانيا. ولذلك، فإن جولة زيلينسكي الاستباقية كانت ضرورية للتأكد من أن «خطوطه الحمر» مفهومة بوضوح ومقبولة من قِبَل الأوروبيين الذين رحّبوا بحذر بالجهد الصيني. ويميل الخبراء إلى الاعتقاد بأن الرئيس الأوكراني أبلغ مضيفيه أن أيّ تسوية يمكن أن تقبل بها أوكرانيا يجب أن تتضمّن استعادة الأراضي الأوكرانية كاملة، بما فيها تلك التي ضمّتها روسيا في عام 2014.