صنعاء | تمكنت وساطة قبلية بين حركة «أنصار الله» و»حزب الإصلاح» من فتح طريق صنعاء - البيضاء - مأرب، الذي يربط بين محافظتَي البيضاء ومأرب، أمس. وأكد مصدر قبلي في مديرية الجوبة، إحدى مديريات جنوب محافظة مأرب، لـ»الأخبار»، أن «سلطات مأرب استجابت لمبادرة فتح الطريق من طرف واحد من قبل صنعاء قبل أيام، ووجّهت بخطوة مماثلة وإزالة السواتر الترابية والألغام». كما أكد وزير التعليم العالي والبحث العلمي في صنعاء، حسين علي حاجب، وهو أحد مشائخ مأرب، أن الترتيبات جرت من قبل الطرفين، مشيراً، في تصريح، إلى أن «فتح هذا الطريق سينهي معاناة شرائح واسعة من المجتمع، نتيجة إغلاق الطرقات».وكانت السلطات المحلية التابعة لصنعاء في مأرب، قد أعلنت، مطلع الأسبوع الجاري، فتح الطريق من جانب واحد، مطالبةً السلطات الموالية للتحالف السعودي - الإماراتي في المدينة بخطوة مماثلة لإنهاء معاناة الناس، إلا أن هذه الأخيرة قالت، في بيان، إن الطرقات من جانبها مفتوحة من دون ترتيبات، ثم بعد أيام وافقت على طلب وساطة قبلية ليتمّ فتح الطريق بشكل منسّق. وقال نائب وزير خارجية حكومة الإنقاذ، حسين العزي، إن «فتح الطريق جرى بتوافق أخوي بين صنعاء والإصلاح في مأرب». وأكد أن «صنعاء ستبقى تدعم كل جهد يشاطرها الانتماء إلى تراب البلاد، ومستعدة لرأب الصدع وتمتين الجبهة اليمنية في وجه الخطر الخارجي». ورأى، في تصريح صحافي، أن «فتح طريق صنعاء - البيضاء - مأرب، خطوة أولى في طريق حلحلة ملف الطرقات وبقية الملفات الشائكة بين الطرفين». ودعا السلطات الموالية لـ»التحالف» في مأرب إلى الاستجابة لمبادرة «أنصار الله» الخاصة بفتح طريق صنعاء - صرواح - مأرب، والتي أُعلنت في شباط الفائت من طرف واحد، للحدّ من معاناة سفر مئات الآلاف من المغتربين اليمنيين في السعودية عبر صحراء الربع الخالي، والتي أدّت إلى مقتل العشرات منهم بألغام أرضية ووفاة آخرين نتيجة استخدامهم طريق الجوف - الوديعة، الذي يعدّ المنفذ البري الحدودي الوحيد الرابط بين السعودية واليمن.
وإذ تزامن هذا الاختراق مع تضعضع فرص السلام بسبب ربط واشنطن التقدّم في «خريطة الطريق» الأممية، بوقف الهجمات العسكرية اليمنية المساندة لغزة، فهو أكد أن اليمنيين يمتلكون خيارات بديلة قادرة على تبديد المعاناة الإنسانية الناتجة من الانقسام العسكري والسياسي، في ظل التعقيدات التي أعاقت مسار السلام منذ مطلع العام الجاري. كما تزامن ذلك مع فشل مساعٍ أممية جديدة لتحريك ملف الأسرى، قادها مكتب المبعوث الأممي، هانس غروندبرغ، مطلع الشهر الجاري، إلا أنه اصطدم بإعلان الحكومة الموالية لـ»التحالف» تعليق التفاوض، وتجميد خطوات تنفيذ صفقة الأسرى المتّفق عليها بين الأطراف اليمنية برعاية الأمم المتحدة في السادس من آذار 2023، في جنيف، والتي تشمل الإفراج عن 1400 أسير من الطرفين، وشرع الجانبان في تنفيذ عدد من الخطوات في إطارها العام الماضي، كالاتفاق على تشكيل فريق من الطرفين لزيارة السجون في صنعاء ومأرب.
تأتي هذه الخطوة بعد فشل مساعٍ أممية جديدة لتحريك ملف الأسرى قادها مكتب غروندبرغ


وعلى رغم إعلان لجنة الأسرى والمعتقلين في صنعاء جهوزيتها لتنفيذ الخطوات الأخيرة للصفقة، بهدف إحداث اختراق في هذا الملف الإنساني، أعلنت حكومة عدن تعليق أيّ تفاوض في ملف الأسرى، مشترطة الإفصاح عن مصير المعتقل محمد قحطان من «الإصلاح». وبرّر مصدر في لجنة الأسرى التابعة لتلك الحكومة، في تصريحات صحافية منتصف الأسبوع الجاري، قرار تعليق التفاوض بشكل كلي مع حركة «أنصار الله»، بتنفيذ اللجنة توجيهات عليا صدرت من قبل رئيس «المجلس الرئاسي»، رشاد العليمي. في المقابل، قال مصدر مقرّب من لجنة الأسرى في صنعاء، لـ»الأخبار»، إن «صنعاء قدّمت كشفاً تضمّن أسماء عدد من الأسرى التابعين لها إلى الأمم المتحدة قبل نحو عام، مطالبة الأطراف الأخرى بالإفصاح عن مصيرهم مقابل الإفصاح عن مصير قحطان، إلا أن حزب الإصلاح في مأرب رفض العرض»، وهو ما عدّه المصدر «تهرّباً واضحاً، وإعاقة متعمّدة لعملية التبادل»، معتبراً أن «الهدف من ذلك إفشال الجهود التي بُذلت في سبيل إنهاء معاناة الأسرى من مختلف الأطراف».
على خطٍّ موازٍ، دعا عدد من الناشطين التابعين للحكومة الموالية لـ»التحالف»، ومنهم سيف الحاضري، مستشار نائب الرئيس السابق، علي محسن الأحمر، الحكومة في عدن إلى التقارب مع صنعاء، لإنهاء أزمتها المالية ووقف الانهيار الاقتصادي في مناطق سيطرتها. وقال الحاضري، في منشور على «إكس»، إن «القرار السياسي والاقتصادي للحكومة بيد السعودية، وإن هناك تفاهمات سابقة بين صنعاء والرياض قضت بوقف إنتاج وتصدير النفط اليمني من المناطق الخارجة عن سيطرة صنعاء»، ملمّحاً إلى أن وقف العملة المحلية المطبوعة من قبل بنك عدن بعدما تجاوز سقف 1700 ريال للدولار الواحد، بحاجة إلى تقارب مع صنعاء. كما أن عدداً من قيادات تلك الحكومة لمّحوا إلى أن وقف الدعم السعودي لها سيمثّل دافعاً إلى التقارب مع «الإنقاذ»، للحدّ من تأثير الأزمات ووقف تداعيات الانقسام السياسي والعسكري على الوضع العام في المحافظات الخارجة عن سيطرة «أنصار الله».
عسكرياً، أعلنت قوات صنعاء، أمس، تنفيذها عدداً من العمليات العسكرية الهجومية في البحر الأحمر. وأوضح المتحدّث باسمها، العميد يحيى سريع، في بيان، أن إحدى تلك العمليات استهدفت مدمّرة أميركية، كما جرى استهداف السفينة «ديستيني» بعملية مشتركة للقوات البحرية والصاروخية وسلاح الجو المسيّر، لانتهاكها قرار حظر مرور السفن المتجهة إلى موانئ فلسطين المحتلة. وأشار إلى أن السفينة المذكورة توجّهت إلى ميناء أمّ الرشراش (إيلات) في الـ 20 من الشهر الماضي، بعد ادّعاء توجّهها إلى ميناء آخر.