توقيت إغلاق القضية ليس مصادفة بل مرتبط بتبييض وجه النظام حقوقياً
ومع وصول عبد الفتاح السيسي إلى الرئاسة، عمد إلى تغليظ عقوبة النشاطات غير المرخصة، لتُصبح بدلاً من الحبس ثلاثة أشهر أو غرامة مالية لا تزيد على ثلاثمئة جنيه (20 دولاراً أميركياً)، السجن المؤبّد، مع وضع صياغات فضفاضة في شأن تلقي أموال من الخارج بقصد «ارتكاب عمل ضارّ بمصلحة قومية أو المساس باستقلال البلاد»، تُوسّع بدورها الأهواء الشخصية للمُحقّقين. وبقيت تلك الصياغات، على مدار السنوات الماضية، سلاح ضغط من النظام على عدد من الحقوقيين، إلى درجة أن وزير العدل الأسبق، أحمد الزند، شدّد على تحريك القضية عاجلاً أو آجلاً، علماً بأن عشرات الحقوقيين سُجنوا أو مُنعوا من السفر خلال السنوات الخمس الماضية من دون أدلة واضحة ضدّهم، وأبرزهم جمال عيد وإسراء عبد الفتاح، والأخيرة من مُحرِّكي إضراب «6 أبريل» (2008) المسجونة بقضية أخرى.
وعلى رغم الضغوط الحقوقية الواسعة لتسريع وتيرة التحقيقات، خاصة مع الضرر البالغ الذي طاول الكثير من المنظّمات بسبب تجميد أموالها واضطرار بعضها إلى العمل من الخارج، على غرار «مركز القاهرة للدراسات»، لم ينجح الحقوقيون على مدار سنوات في الحصول على إجابات عن وضعهم القانوني، فيما بقي كثيرون خائفين من توقيفهم فجأة على ذمّة القضية ضمن الإجراءات الاستثنائية المُتّخذة فيها. لكن اليوم، يغلق قاضي التحقيق النصف الآخر من القضية، بحكم أنه لا وجه لإقامة الدعوى بحق عشرين منظمة، ليبقى عدد من المنظّمات تحت قبضة القضاء. ولا يبدو القرار المُتّخذ، في توقيته، مصادفة، بل يأتي تساوقاً مع زيارة السيسي لباريس، في محاولة لتصدير إصلاحات شكلية تضمن عمل منظّمات المجتمع المدني تحت قبضة الحكومة، تحسّباً للضغوط المرتقبة من الإدارة الأميركية الجديدة.
اشترك في «الأخبار» على يوتيوب هنا