ووصل رئيس «المجلس الرئاسي»، رشاد العليمي، برفقة وفد سعودي، إلى مدينة المكلا أواخر الأسبوع الفائت، في أوّل زيارة له منذ تشكيل المجلس قبل أكثر من عام. وحملت الزيارة، في الشكل والمضمون، دلالات على تحكّم الجانب السعودي بخطوات وكلائه المحلّيين؛ إذ تقصّدت الرياض إرسال الوفد على متن طائرة سعودية أقلّت العليمي إلى مطار الريان، فيما كان حرّاسه الشخصيّون سعوديين أيضاً، الأمر الذي أثار جدلاً في أوساط النُخب القريبة من «التحالف»، والتي اعتبر بعضها ما جرى «مساساً بسيادة البلد واستقلاله»، وتظهيراً لـ«تبعية العليمي المطلقة للخارج»، إلى حدّ قول أحدهم إن «رئيس البلاد، رشاد العليمي، يرافق الوفد السعودي أثناء زياته لمحافظة حضرموت». وعلى الأرض، نُفّذ برنامج الزيارة وفق الخطة السعودية، وما لم يستطع وفد المملكة إعلانه للاعتبارات السياسية، تكفّل به العليمي؛ ففي حين أعلن الوفد السعودي عن حزمة مشاريع تقدّر بأكثر من مليار ريال سعودي مكرّسة للمحافظة، تكفّل العليمي بالشق الرسمي من الخطة، معلناً عن منح محافظة حضرموت إدارة ذاتية في الجوانب الأمنية والاقتصادية والمالية والإدارية، وواعداً بتعميم التجربة على بقية المحافظات، وذلك بعد أيام من إعلان «مجلس حضرموت الوطني»، وبعد أسبوع واحد على تراجع «المجلس الانتقالي الجنوبي» عن وقف التحويلات من محافظة عدن إلى البنك المركزي فيها.
يرى مراقبون أن السعودية ستسعى في المستقبل إلى إنشاء كيانات موازية في أكثر من منطقة يمنية
وإذ مثّل إعلان العليمي فرصة ذهبية للمكوّنات المعادية لـ«الانتقالي»، فإن الخطوة السعودية لم ترُق بالتأكيد، دولة الإمارات ووكلاءها المحلّيين، وهو ما عبّرت عنه أكثر من شخصية مقرّبة منها. إذ قال رئيس «الانتقالي» ونائب رئيس مجلس القيادة، عيدروس الزبيدي، في مقابلة تلفزيونية، إن «إقامة دولة الجنوب ستحقّق مكاسب لجميع الأطراف، بمن فيهم الأشقاء في الشمال»، مضيفاً أن «الانتقالي يقود حواراً في كل المحافظات الجنوبية ولديه قاعدة شعبية واسعة في حضرموت». واعترف الزبيدي بقيادة السعودية لما سمّاه «ملف المنطقة، ولكننا في النهاية سنذهب إلى الأمم المتحدة للإشراف على استفتاء شعب الجنوب الذي له الحق في اتخاذ قراره وتقرير مصيره». وبينما رأى بعض المراقبين أن السعودية ستسعى في المستقبل إلى إنشاء كيانات موازية في أكثر من منطقة، فقد اعتبر وزير الإدارة المحلية اليمني، رئيس «اللجنة العليا للإغاثة» السابق، عبد الرقيب سيف فتح، أن «حضرموت لديها مقوّمات متكاملة تجعل منها إقليماً». يذكَر أن حضرموت تمتلك مختلف المقوّمات من الخصوصية النسبية إلى الموانئ والمطارات والثروة النفطية والموقع الجغرافي الذي يجعلها بعيدة نسبياً عن مراكز النفوذ شمالاً وجنوباً؛ كما كان التقسيم الفيدرالي، وفق مخرجات الحوار الوطني لعام 2014، قد صنّفها كإقليم يضمّ محافظات حضرموت والمهرة وشبوة وسقطرى وعاصمته المكلا.