بنت جبيل ــ داني الأمين
لم يسابق المزارعون الجنوبيون الأمطار، كما في كل عام، لقطاف أشجار الزيتون والحصول على زيت ذي جودة عالية. فالموسم هذا العام «مضروب» والإنتاج قليل. أما «عين الطاووس»، وهو مرض يصيب أشجار الزيتون، فقد انتشر بكثرة هذا الموسم على الأغصان، ما جعل حبّات الزيتون غير صالحة للمونة المنزلية، وقلّل من إنتاجها للزيت النظيف والوفير.
هكذا، ستبقى معاصر الزيتون الجديدة، التي قدمتها إلى الأهالي كل من قوات «اليونيفيل» وبعض الجمعيات الدولية دعماً للأهالي والزراعة الأكثر انتشاراً في المنطقة، من دون حركة فعلية، بانتظار الموسم المقبل ربما.
ومع أن الموسم «مش كل هالقد» فإن عناصر من الكتيبة النيبالية، وهم على الأرجح مزارعون مثل أهل الجنوب، وفي محاولة للتخفيف من أعباء المزارعين، تطوعوا لدعم الأهالي عبر مساعدتهم في قطاف الزيتون. ويقول علي ياسين من بلدة حولا إنّ «الكتيبة أرسلت إلى أبناء البلدة، وخصوصاً أولئك الذين يملكون عدداً كبيراً من أشجار الزيتون، عشرات الجنود النيباليين لمساعدتهم في أعمال القطاف». ومن شأن هذا الأمر أن يوفّر على المزارعين، بحسب ياسين، الكثير من العناء وأجرة العمّال، وبالتالي من كلفة الموسم. ويشرح أبو محمد مزرعاني أنّ «النيباليين يزيدون عدد الجنود الذين يرسلوهم للمساعدة كلّما ازداد عدد أشجار الزيتون، فقد يحظى المزارعون الذين يملكون أكثر من 50 شجرة زيتون بمساعدة أكثر من 30 جندياً نيبالياً، ما يساعدهم على إنهاء القطاف في يوم واحد أو يومين على الأكثر، بينما كانوا سيضطرّون لولا هذه المساعدة للعمل مع أسرهم وعدد من العمّال السوريين على قطاف «زيتوناتهم» في مدّة لا تقلّ عن أسبوع».
لكن، يبدو أن بعض العمّال السوريين الذين يزداد عددهم مع بدء موسم قطاف الزيتون قد أبدوا استياءهم من مبادرة الكتيبة النيبالية، بعدما بات هؤلاء ينتظرون الموسم مثلهم مثل المزارعين هنا.
«فالعمل سهل ويدرّ علينا مبالغ مالية جيدة، إذ لا تقل أجرة القطاف اليومية للعامل الواحد عن 25 ألف ليرة لبنانية»، يقول العامل السوري زيد العوّاد.
يشرح محمد رسلان، من بلدة الطيبة ــــ قضاء مرجعيون أنّ أغلب أهالي البلدة يضطرّون للاستعانة بالعمّال السوريّين بسبب هجرة شبابهم أو انتقالهم إلى المدارس والجامعات في بيروت. لكنّ ذلك يكلّفهم كثيراً، حتى أنّ البعض يضطرّ لإعطاء العمّال نصف الموسم بديلاً من أجرة القطاف. من هنا فإن التفاتة جنود «اليونيفيل»، كما يقول رسلان، مميزة وتحل جزءاً كبيراً من المعاناة.
لا يخفي العمال السوريون الموسميون استياءهم من تطوع النيباليين
ارتفع ثمن تنكة زيت الزيتون هذا العام نحو 30 دولاراً
ويبدو أنّ أشجار الزيتون المنصوبة في الحقول التي تعرّضت للقصف الإسرائيلي في تموز 2006 تضاءل إنتاجها كثيراً بعد الحرب، واستمر الأمر هذا العام، فتقول فاطمة مزنّر، من بلدة الصوانة «اعتدنا كل عام أن نحصل على مونة السنة ونبيع عشر تنكات أخرى من الزيت، لكن حرب تموز التي قصفت الأمكنة المحيطة بأشجار الزيتون في الطيبة ودير ميماس وغيرها أثرت على التربة وأصبحت أشجار الزيتون مريضة ولا تحمل الكثير من حبات الزيتون كما كانت في الماضي، ولا نعرف كيف نعالج ذلك». ويذهب حسن حميّد (بنت جبيل) إلى أنّ «ثمن زيت الزيتون لا بدّ من ارتفاعه هذا العام بسبب ارتفاع أجرة فلاحة الأرض والأيدي العاملة وندرة الإنتاج، لكن هذه الأسعار مبالغ فيها، والكثيرون يتحجّجون بالغلاء لرفع الأسعار. لذلك، يجب على الجميع التريّث قبل شراء الزيت». لكن حميّد يشكو كغيره من عدم التعويض عن الخسائر التي لحقت بأشجار الزيتون في حرب تموز، فقد مرّت ثلاثة أعوام وأكثر على انتهاء الحرب، وأصحاب أشجار الزيتون المحترقة لم يعوض عليهم حتى الآن.