عندما أطلق «نادي لكل الناس» الدورة الأولى من «مهرجان الفيلم العربي القصير» عام 2003، كان الهدف مساعدة طلّاب الجامعة اللبنانية وجامعات أخرى تدرَّس فيها السينما لعرض أعمالهم. تنقّل مقرّ الحدث بين أمكنة عدة في بيروت قبل أن يستقرّ هذا العام في «متحف سرسق»، مغطياً بيروت بزواياها كافة. بعد الدورة الخامسة، كان الوقت قد حان لإدخال عنصر المسابقة، فباتت هناك جائزة يقدّمها الجمهور لفيلمه المفضّل وجوائز تمنحها لجنة تحكيم. عن التحولات التي مرّ بها المهرجان، يخبرنا مدير «نادي لكل الناس» نجا الأشقر: «عملنا بعد الدورة الخامسة بنصيحة نبيهة لطفي بعدم التركيز على الأفلام الطلابية فقط. بعد عام 2011 والانتفاضات، باتت الدول العربية مرتبطة أكثر، فتحوّل مهرجان أفلام الطلاب إلى «مهرجان الفيلم العربي القصير». بدأنا بالسينما اللبنانية ثم انتقلنا إلى البلدان العربية. في الدورة الحالية، لدينا أفلام من 12 دولة مشاركة من ضمنها عروض أفلام طلاب سينما، إضافة إلى عروض أولى لأفلام مخرجين مستقلين. كما نجد مغتربين من اللبنانيين وغيرهم ممن يصنعون أفلامهم في الخارج. هي فرصة نتيحها للمقيمين في الخارج بعرض أفلامهم هنا أيضاً. وأضفنا كذلك ميزة إلى المهرجان منذ الدورة الخامسة وهي إعطاء كلمة إلى الجمهور لانتقاء فيلمه المفضّل إلى جانب جوائز أفضل فيلم وثائقي وأفضل روائي وجائزة لجنة التحكيم». تضمّ لجنة الدورة 16 التي تنطلق اليوم في «متحف سرسق» المخرج اللبناني إيلي داغر، والفلسطينية اللبنانية ربى عطية، ومديرة التصوير جوسلين جبرايل، ومديرة دائرة «صندوق الأردن لدعم الأفلام» ريم بدر، والمخرج والمنتج اللبناني بسام نصار. يُفتتح المهرجان بعرض أفلام قصيرة لهم، يليها عرض خاص لفيلم «غزل البنات» للمخرجة الراحلة جوسلين صعب بعد رقمنته وترجمته. يُعدّ عرض فيلم صعب بمثابة تحية لها خصوصاً أنّ «نادي كل الناس» تعاون مع «مؤسسة جوسلين صعب» في ترجمة ورقمنة أفلام المخرجة الراحلة وتنظيم الندوات وورش العمل حول أفلامها، كما أن الفيلم وفقاً للأشقر لم يُعرض كثيراً في لبنان ويقدّمه المهرجان بنوعية أفضل.
في الأيام الثلاثة التالية للافتتاح، يقدّم المهرجان عروضاً عدة في اليوم لأفلام قصيرة، اختيرت وفقاً لمعايير معيّنة مثل موضوع السيناريو والمونتاج والصورة، من أصل 200 فيلم تلقّاها المنظّمون. وكانت الأفضيلة للعروض الأولى. مثلاً، يُعرض فيلم «يرقة» لنويل وميشال كسرواني الذي فاز بـ «جائزة الدب الذهبي» في فئة الأفلام الروائية القصيرة في «مهرجان برلين السينمائي» عام 2023. يربط العمل بين تاريخ فرنسا وتحديداً مدينة ليون ولبنان وصناعة الحرير عبر قصة مهاجرتين تلتقيان في المقهى نفسه حيث تعملان في فرنسا. كما يضمّ البرنامج فيلم الفلسطيني ركان مياسي «المفتاح» المبني على إحدى قصص كتاب «100 عام ما بعد النكبة». يُعرض الفيلمان للمرة الأولى في لبنان كما الحال بالنسبة إلى «راديو» لجوزيف خلوف، و«زيارة إلى اليمن» لدنيز جبور ومورييل أبو الروس.
إلى جانب عروض الأفلام، تُقام ندوات يديرها اختصاصيون وتتنوّع مواضيعها بين صناعة الفيلم القصير وتمويل الأفلام وكيفية الحصول على الدعم. وبعد توزيع الجوائز في الختام، محطة فنية مع أحمد قعبور الذي أطلق ألبوماً جديداً (الأخبار 9/5/2024) ستكون بمثابة تحية إلى قعبور وأعماله وإلى فلسطين في الوقت عينه عبر عرض أغنيات جديدة مصوّرة ومداخلة مدتها نصف ساعة له. و«الختام مسك» كما يقول الأشقر مضيفاً: «سنعرض نسخة مرمّمة بالشراكة مع مؤسسات عدة لفيلم «المخدوعون» لتوفيق صالح المبني على رواية غسان كنفاني، وهو يعبّر عمّا يحدث الآن في غزة وفلسطين والعالم العربي. هي نسخة مهمة جداً لم تُعرض في لبنان، والفيلم كان محطة مهمة في بدايات السينما البديلة إلى جانب «كفر قاسم» لبرهان علوية».

* «مهرجان الفيلم العربي القصير»: بدءاً من اليوم حتى 17 أيار (مايو) ــــ «متحف سرسق» (الأشرفية ـ بيروت) ـــ nadilekolnas.com