أثار قرار وزارة التربية إجراء امتحانات رسميّة موحّدة لجميع طلاب الثانوية العامة على أساس المواد الاختيارية انتقاد معظم طلاب المناطق الحدودية ومعلّميهم وأهاليهم، والمتابعين للشأن التربوي ميدانياً، ولا سيما في ظل التحديات العديدة التي يواجهها النازحون عن بلداتهم، والمتوقّفة مدارسهم عن التعليم قسراً منذ اندلاع الحرب. وثمّة شبه إجماع على أن القرار يشكل انتهاكاً لحق التعليم والفرص العادلة في التعلّم، وتجاهلاً للواقع الذي ترك ندوباً في مسار تعلّم الطلاب، بحيث أصبحوا ضحايا للامتحانات والحرب في آن.فبعد مطالبات سياسية بعدم فصل الجنوب عن الخريطة التربوية، أظهر استطلاع رأي تقييمي للواقع التربوي والنفسي للمرشحين للامتحانات الرسمية في البلدات الحدودية، قامت به منصة سما التربوية، وشمل 415 طالباً وطالبة في الثانوية العامة من أقضية بنت جبيل ومرجعيون وصور وحاصبيا، أن هؤلاء غير جاهزين لخوض الامتحانات الرسمية الموحّدة، لا في شكلها الحالي، ولا في موعدها المقرّر في 29 حزيران المقبل. فالطلاب يعانون، بفعل الحرب، من ظروف نفسية وأمنية وتعليمية معقّدة، جراء التعرض للقصف أو فقد الأقارب أو التدمير الذي طاول قراهم ومنازلهم، وظروف النزوح التي يعيشونها، ما يستدعي تدخلاً فورياً وجهوداً مشتركة من الأطراف المعنية لاتخاذ القرارات الصائبة التي توفّر الدعم اللازم لهم، وتبدّد هواجسهم ومخاوفهم.

(هيثم الموسوي)

وتوزّع الطلاب المستطلَعون من ثانويات رسمية وخاصة على الأقضية الأربعة كالآتي: بنت جبيل (52.1%)، مرجعيون (37.6%)، صور (7%) وحاصبيا (3.4%). وتبيّن أن مدارس 94.5% من الطلاب مقفلة بسبب الحرب، ونزح 33.7% منهم إلى مناطق قريبة من بلداتهم، فيما لجأ 40.3% منهم إلى مناطق بعيدة، في حين لم يغادر 26% قراهم.
وفي نتائج الاستطلاع الذي أعدّه المدير التنفيذي لمنصة سما التربوية، ماجد جابر، تبيّن أن 33.7% من الطلاب لديهم استعداد «ضعيف جداً» للامتحان الرسمي، و38.3% استعدادهم «ضعيف»، و22.2% لديهم استعداد «مقبول»، في حين أشار 5.5% فقط إلى استعداد «جيد». وبناءً عليه، طالب 95.7% من الطلاب بامتحانات رسمية خاصة بهم، وبتقليص المزيد من الدروس المطلوبة. وبالنسبة إلى موعد الامتحان، أظهر الاستطلاع أن 46% من الطلاب يفضّلون تأخير الامتحان لشهر واحد، و20% لمدة أسبوعين.
وفي العيّنة، تابع 37.3% من الطلاب التعلّم عن بعد يومياً، و44.3% التعلم عن بعد بصورة متقطّعة، ودرس 6% منهم فقط حضورياً في مدارس المناطق التي نزحوا إليها، وتلقّى 3.9% تعلّماً مدمجاً، في حين أشار 4.6% إلى أنهم لم يتمكّنوا من متابعة التعلم لا حضورياً ولا عن بعد.
وفي ما يخص إنجاز المنهاج الدراسي المطلوب للامتحان، قال 95.7% إن هناك تأخراً في إنهاء كل أو بعض المواد التعليمية. وعلى مستوى موارد التعلم، أظهر الاستطلاع أن التطبيقات الأكثر استخداماً في التعلم عن بعد كانت «واتساب» (55.9%)، و«مايكروسوفت تيمز» (41.9%)، و«زووم» (30.1%)، و«تلغرام» (3.1%)، إضافة الى استخدام نسبة ضئيلة من التلامذة لمنصات إلكترونية مدرسية وتجارية لاكتساب التعلم، علماً أن 57.8% من الطلاب قالوا إن الإنترنت غير متوافر من حين إلى آخر، ولا يمتلك 21.9% أجهزة إلكترونية شخصية لمتابعة دروسهم عن بعد، وإنما يقومون باستعارتها.
5.5% فقط من الطلاب أشاروا إلى الاستعداد الجيّد للامتحان


اللافت كذلك أن 21.2% من الطلاب فقط يمتلكون الكتب المدرسية لجميع المواد المطلوبة للامتحانات، بينما يمتلك 27% منهم معظمها، و16.6% أقل من نصفها، في حين أكّد 21.7% أنهم لا يمتلكون أي كتاب مدرسي. كما تبيّن أن 72% من التلامذة لا يمتلكون أي كتب مساعدة (guides) لأي مادة تعليمية.
وفي ما يرتبط بظروف حياة الطلاب الممتحنين، أشار 5.3% منهم إلى أن منازلهم تعرّضت لتدمير كلي، و39% لتدمير جزئي، و60% منهم تتعرّض بلداتهم لقصف دائم، و15.2% في أغلب الأوقات. كما أوضح 59.8% أن وضع سكنهم غير مريح للدرس، وأن 36.4% يعيشون في سكن مريح نسبياً. وبدا لافتاً ما قاله 81.7% من الطلاب لجهة أنهم لم يخضعوا لأي دعم نفسي.