(الرسمة للتشكيلية التونسية أمينة بالطيب)
تتالت أعماله الشعرية بعدها مع «ليس لي مشكلة» ثم «جنوب الماء»، فـ «الوصية». كما نشر كتاباً بعنوان «تفاصيل» جمع فيه بعض مقالاته الصادرة في الثمانينيات في الصحف المستقلة. منذ الأيام الأولى للاحتجاجات التي عاشتها البلاد انطلاقاً من مدينته سيدي بوزيد عام 2010، ساند أولاد أحمد هذا الحراك، واصفاً إياه بأنّه عمل شعري. كتب مجموعة مقالات أصدرها لاحقاً تحت عنوان «القيادة الشعرية للثورة التونسية»، إلى جانب مجموعتين شعريتين هما «حالات الطريق» و«مسودة وطن». كان يعتبر الكتابة عملاً نضالياً، مستحضراً سير بعض الكتاب الذين قاوموا الديكتاتورية والفاشية الدينية. اعتبر دوماً أنّ دور الكاتب الأساسي هو أن يكون على يسار السلطة. حتّى عندما تحقّق حلمه - وإن كان منقوصاً - بتأسيس أوّل بيت للشعر في العالم العربي في خريف 1993 بعد سنوات طويلة من التشرّد والبطالة، لم يهادن السّلطة بتاتاً. حافظ على مواقفه المنتصرة للديموقراطية، ممّا سرّع من إقالته من إدارة البيت الذي أسّسه. طوال مسيرته، كان أولاد أحمد في صراع مع الإخوان المسلمين الذين كان يطلق عليهم مصطلح لينين «وزراء الله». نال نصيبه من التكفير والتعنيف وحملات الشيطنة على شبكة التواصل الاجتماعي، خصوصاً بعد صعود حركة «النهضة» إلى الحكم، وخصّص له مفتي الإخوان القرضاوي الكثير من فتاوي التكفير. محمد الصغير أولاد أحمد انتصر في كل معاركه مع السّلطة و«وزراء اللّه» والمؤسسة الرسمية، وأخذ الشعر من الصالونات الدافئة إلى الشوارع والمقاهي والحانات والأسواق، وجعله نشيداً من أجل الحياة، ودفاعاً عن حقّ البسطاء في الحلم... فسلاماً لروح الشاعر «الذي أحب البلاد كما لم يحبّ البلاد أحد».