يبدو نائب المبعوث الأممي «متفاعِلاً» مع مطالب الإمارات وأطماعها
أما ثانية أبرز الدلالات، فهي أن مراوغة السعودية والإمارات في تخفيف وتيرة العمليات (مثلما حصل على جبهة الساحل الغربي) - مع تواصل استهداف المدنيين واستمرار الحصار المفروض على البلاد - لن يردع الجيش واللجان عن تنفيذ هجمات ضد العمق السعودي، على اعتبار أن العدوان لا يزال قائماً، وأن أي تبدل في مجرياته إنما هو جزء من تكتيكات الرياض وأبو ظبي التي تخصهما وحدهما. انطلاقاً من ذلك، تواصلت خلال الأيام الماضية عمليات القصف الصاروخي على مناطق في الداخل السعودي، وفي السياق نفسه أيضاً جاءت عملية أمس، في وقت كان فيه قائد «أنصار الله» يؤكد «(أننا) مستعدون لوقف القصف الصاروخي على السعودية والإمارات إذا أوقفتا القصف على بلدنا»، في معادلة كلامية - عملياتية متجددة، تبدو من غير المنطقي مراهنة السعودية على أن الوقت كفيل بتبديلها.
هذه المراهنة يبدو أنها لا تزال هي نفسها حاكمة على جبهة الساحل الغربي، حيث تصر قيادة «التحالف» على الدفع بالميليشيات المقاتلة تحت لوائها نحو المناطق الداخلية لمحافظة الحديدة، رغم ما يلاقيه عناصرها هناك من عمليات استنزاف متصاعدة، خصوصاً على جبهة التحيتا. وهو إصرار لا يعبّر عن تعديل في خطة العمليات، بقدر ما يستبطن أملاً غير واقعي بحدوث تغير ميداني، يسنده - على ما أوحى به كلام السيد عبد الملك الحوثي أمس - الدور الموكل إلى نائب المبعوث الأممي، معين شريم، الذي قال الحوثي إنه «يتفاعل مع مطالب الإمارات وأطماعها». وفي انتظار ما ستسفر عنه جهود المبعوث الأممي، مارتن غريفيث، الذي «نقل إلينا مبادرة تتعلق بميناء الحديدة، من حيث نقل الرقابة المباشرة إليه، ومن حيث مسألة الإيرادات، وتفاعلنا بإيجابية» كما قال الحوثي، يظل الموقف هو نفسه: رفض لمطلب الانسحاب من مدينة الحديدة ومينائها، وترحيب بدور رقابي ولوجستي للأمم المتحدة في الميناء بشرط وقف التصعيد وصرف المرتبات. موقف صاحبه التشديد على ضرورة أن يسبق أيَ حديث عن نزع السلاح «تشكل حكومة شراكة تقع عليها المسؤولية في معالجة الموضوع مع كل الأطراف (التي تملك السلاح)، وفي ظل وضع يتأكد فيه وقف الاستهداف والعدوان»، بحسب ما جاء في كلام قائد «أنصار الله».
على خط موازٍ، وفي ظل اشتعال الحرب الكلامية بين ميليشيا «الحزام الأمني» التابعة لـ«المجلس الانتقالي الجنوبي» الموالي للإمارات، ونجل شقيق الرئيس السابق طارق محمد عبد الله صالح، تعالت أصوات الشخصيات والكيانات المعارِضة لأبو ظبي، والمطالبة برفع يدها عن مدينة عدن خصوصاً وجنوب اليمن عموماً. وحضّ «رئيس المجلس الثوري الأعلى لتحرير الجنوب»، حسن باعوم، «أبناء عدن وحضرموت على الاقتداء بإخوانهم في المهرة، الذين... وضعوا حداً لصلف الاحتلال الأجنبي ومحاولة تدخله في شؤونهم»، فيما حمّلت حركة «تاج الجنوب العربي» «التحالف وحكومة الشرعية المسؤولية عن وصول الأوضاع (في الجنوب) إلى هذه الدرجة من المأساوية»، مشيرة إلى «(أنهم) حوّلوا عدن إلى معسكرات خلفية للغزاة، وأدخلوا الجنوب في نفق مظلم»، مضيفة في بيان أن «عدن تحولت إلى مسلخ كبير لسكانها».