في بغداد، ثمة من يسأل هل سيؤثّر «قيصر» في العراق وعلاقاته مع سوريا. سؤالٌ لم يلقَ إجابة دقيقة حتى الآن، وفق أكثر من مصدر سياسيّ ودبلوماسي. ثمة من يعوّل من العراقيين المتعاطفين مع دمشق، وتحديداً من حلفاء طهران، على قدرة الدولة السورية على مواجهة القانون المستجد بعلاقاتها مع مجموعة من الدول الصديقة كروسيا والصين وبعض دول آسيا وأفريقيا، ودول الجوار كالعراق والأردن ولبنان. لكن تلك الدول قد تكون غير بعيدة من شمولها بالمشروع، وخاصّةً أن واشنطن قد تذهب باتجاه كسب إجماع دولي تحت ذريعة «قصقصة أجنحة طهران» في المنطقة.
ربما يؤثر «قيصر» في التنسيق الأمني بين الأجهزة السورية والعراقية
في هذا الإطار، يقول أستاذ العلوم السياسية عبد العزيز عليوي، إن تطبيق القانون سيكون له أبعاد سياسية واقتصادية وأمنية على العراق المتداخل مع سوريا بصورة كبيرة في عدد من القضايا المشتركة، مشيراً إلى «تزامن سريان القانون مع الحوار الاستراتيجي بين بغداد وواشنطن، وهو أمر قد يحرج الحكومة العراقية إذا لم تلتزمه، لأن ذلك لن يروق واشنطن». ويضيف عليوي: «طهران التي تتفاخر بدعمها لبغداد في حربها ضد الإرهاب لن ترضى هي الأخرى بأي موقف عراقي مؤيّد أو حتى صامت عن تطبيق قيصر».
العراق، الذي يملك ثلاثة منافذ حدودية شرعيّة تربطه مع سوريا، قد يتعرّض هو الآخر لحرب غذائية، فالمستهدف هنا دول محور المقاومة، التي تريد واشنطن قطع التواصل بينها وفرض عقوبات جديدة عليها لأهداف جيوسياسية واقتصادية وعسكرية، في حال عجزت عن مواجهة حلفاء طهران في العراق وسوريا ولبنان. وفق مصدر سياسيّ مطّلع، تسعى إدارة الرئيس دونالد ترامب إلى «بناء علاقة جديدة مع العراق وفق مصالحها»، موضحاً أن «تطبيق قيصر على سوريا وإمكانية شموله العراق قد يكون الهدف من ورائه تكرار سيناريو العقوبات المفروضة على إيران. الضرر الأكبر سيكون اقتصادياً ويستهدف التبادل التجاري بين البلدين، لأن القانون غير واضح المعالم والحدود، وقد يفسّر أي تعاون تجاري على أنّه دعم لدمشق، كما سيفتح باب الابتزاز الأميركي للعراقيين للحصول على مزيد من التنازلات... على الأقل في مواقف تزعج إيران، مقابل السماح باستئناف بعض النشاطات التجارية مع سوريا، على غرار ما يحدث في الاستثناء لاستيراد الطاقة من طهران».
في موازاة ذلك، ينشط داخل الكونغرس حراكٌ للحزب الحاكم سيسفر عنه إصدار مذكرة عقوبات جديدة تطاول شركاتٍ إيرانيّة وصينية بذريعة «تهديد السلم الدولي ودعم الإرهاب»، وهذه المرة ليس بعيداً إلغاء عقود تصدير الكهرباء من طهران إلى بغداد، في وقت يكون فيه الهدف من الحوار الاستراتيجي عزل العراق كليّاً عن إيران. وفي جانب آخر ورقة «قيصر» التي قد لا تكون اقتصادية فقط، بل قد تُضعف جهود التنسيق بين أجهزة المخابرات العراقية ــــ السوريّة في ضرب وملاحقة فلول تنظيم «داعش» الناشطة على حدود البلدين.