موقف غالبية بلدان الجنوب، وبينهم حلفاء تاريخيون للولايات المتحدة، من النزاع الدائر في أوكرانيا، ورفضهم إدانة روسيا وفرض عقوبات عليها، مؤشّر قوي جديد إلى التراجع المستمرّ والمتسارع للهيمنة الأميركية. مَن كان يتصوّر، حتى بضع سنوات خلت، أن السعودية مثلاً، التي سارت خلف واشنطن طوال عقود الحرب الباردة وبعدها، واندرجت في استراتيجيتها العامّة ليس في الشرق الأوسط وحده، بل في أميركا اللاتينية وأفريقيا أيضاً، سترفض الانحياز إليها في مواجهتها الحيوية الراهنة مع موسكو؟ أمّا الهند، التي تحوّلت منذ مطلع الألفية الثانية إلى حليف رئيس، بنظر الاستراتيجيين الأميركيين، في مقابل الصين، وشريك بارز في «كواد»، فإن موقفها من النزاع في أوكرانيا، وقرارها مضاعفة وارداتها من النفط الروسي بأربع مرّات، والدفع بالروبل وليس بالدولار، ولّد صدمة جديدة لهؤلاء الخبراء الاستراتيجيين.