يمثل باسيل للحزب اطمئناناً مطلقاً وإن كان ينزعج من تصرفاته وبعض مواقفه ولا يرتاح إلى أدائه الفوقي. لكنه في المحصلة كان ولا يزال أحد أثبت حلفائه، الذين يعاندون ويهددون دوماً بفرط التحالف من دون أن يقدم عليه. وفي المقابل، يتصرف باسيل من موقع القوة كذلك على أساس أن الحزب يحتاج إليه وأنه لا يزال له في ذمة الحزب الكثير، لأنه غالباً ما غطاه داخلياً وخارجياً. ويعتبر أن الحزب لا يزال يحتاج إليه، وما هو قادر على توفيره لن يتمكن أي مرشح حليف آخر تأمينه. لكن مشكلة باسيل أنه لا يستطيع الإتيان به في ظل الظروف الراهنة التي تحيط به كشخص وموقع خارجياً، وداخلياً بعدما أكثر من أعدائه فلم يُبق على صلة اتصال واحدة مع القوى السياسية المعارضة، لا بل أضاف إلى رصيده عداوات مفتوحة. واستنفاد الوقت كي يتمكن باسيل من ترتيب أوضاعه في فراغ طويل الأمد قد لا يكون مضموناً في حال تضافرت عوامل خارجية لتسريع أوان الاستحقاق. ما يضع الحزب أمام استحقاق الاختيار بين مرشحين توافقيين قد لا يكون في الأصل ميالاً إليهما، لا سيما في ما يتعلق بعنوان أساسي أي وضع الحزب كمقاومة وتعامل الرئيس الجديد معها.
آليات التنسيق بين الجيش والأميركيين قائمة بمعرفة جميع القوى بما في ذلك الحزب
من هنا نظر إلى كلام نصرالله حول الجيش بنظرة متفاوتة. هناك شبه ثقة بأن حزب الله، وإن لم يكن قائد الجيش خياره الأول أو الثاني حتى، لم يقطع الطريق أمامه. وتوجيهه رسائل مباشرة إلى عون لا تعني إقفال باب الاجتهاد والحوارات التي سبق وبدأت، ولديها مؤيدون، كما لديها خصوم يعملون على التقليل من أهميتها وفرملة أي محاولة لتسويقها.
أن يكون الجيش ميالاً إلى الأميركيين فهذا معروف سواء وصل قائده إلى قصر بعبدا أم لم يصل، وكل آليات التنسيق بين الجيش والأميركيين قائمة بمعرفة جميع القوى على أعلى المراتب بما في ذلك الحزب. علماً أن الأخير يعرف كذلك أن أي قائد للجيش يصل إلى بعبدا، لن يكون بمنأى عن التنسيق معه، ولن ينتخب إلا وفق قاعدة تفاهمات عريضة عملانية. لذا فُهم كلام الأمين العام بأنه قد يكون بمثابة استدراج عروض من أجل الحصول على ضمانات داخلية، يثق الحزب بأن أي قائد جيش سيقدمها، ولو بعد حين، على مسار التمهيد للوصول إلى بعبدا. وهو أعطى تنبيهات حول شروط محددة تتعلق بالواقع الأمني ومستقبل العلاقة بين الجيش والحزب. ليكون الحزب بذلك يحدد شروطاً على طريق الرئاسة لا شروطاً للأشخاص ومواصفاتهم. علماً أن الحزب كما بات واضحاً لا يزال عاجزاً عن فك عقدة باسيل – عون لأن كل تعهدات الحزب ورسائل عون الإيجابية في المقابل لن تكفي باسيل للوثوق بقائد الجيش، ولا بمسؤولين ونواب ووزراء وطبقة سياسية ومالية تنقل البارودة من كتف إلى كتف. فيصبح أي اسم توافقي ولو من الدرجة الثانية أسهل على باسيل بأشواط، كونه لا يتمتع بأي حيثية أمنية وطبقة ضباط تدعمه أو كتلة سياسية وإرث عائلي وإقطاعي، ما يسهل عليه أمر التحكم بمفاصل العهد المقبل من موقعه ككتلة نيابية مسيحية وازنة.
لذا يترك الحزب الباب مفتوحاً لمرشحين لا مرشح واحد، ويعطي مجال التفاوض عبر الرئيس نبيه بري، حيث يمكن الأخذ بأطر أوسع وأكثر ليونة سياسية على طريق اختيار الاسم في مراحل التصفية النهائية.