مجلس محافظة الأنبار أعلن اندلاع "ثورة عشائرية" على تنظيم "داعش" في الفلوجة
وبحسب ما نشرته خلية الإعلام الحربي التابع للحكومة، لم يقتصر الحراك العشائري المسلّح على مناطق الشمال والجنوب لأنها تحدثت، أمس، في تقرير نشرته وسائل الإعلام عن أن "سوق النزيزة" وسط المدينة شهد اشتباكاً مسلحاً بين عشيرة الجريصات وعناصر التنظيم أدى إلى طردهم من مناطق عدة.
لكن هذا المصدر أكد أن "الأحداث التي يمكن اعتبارها ثورة مسلّحة حدثت فقط في المناطق الواقعة لأطراف الفلوجة، في حين أن ما شهدته مناطق الوسط يُعَدّ حادثاً منفصلاً عن الحراك الشعبي المسلح". وأوضح المصدر أن "الاشتباكات التي شهدها سوق النزيزة وسط المدينة، جاءت بعد مقتل قصاب من عشيرة الجريصات بشجار مع أحد عناصر داعش، أدى إلى هجوم من عشيرته على مقارّ التنظيم، توقف بعد تعهد عناصر داعش بمعاقبة مسبّب مقتل القصّاب".
وأكد قائمقام الفلوجة سعدون عبيد الشعلان، أمس، سيطرة العشائر على مناطق في شمال الفلوجة وجنوبها، بعدما خاضت معارك مسلحة ضد "داعش". وقال إن "قبيلة الجميلة ومعها عدد من العشائر تقود معارك ضارية ضد تنظيم داعش في مناطق شمال الفلوجة وجنوبها، وقد كبدتهم خسائر فادحة بالأرواح والمعدات".
وأضاف الشعلان أن "المعارك وقعت في أحياء الشهداء وجبيل ونزال"، لافتاً الانتباه إلى أن "هناك فراراً جماعياً من قبل الإرهابيين إلى وسط المدينة، بعدما أطبق الخناق عليهم من جميع الجوانب". وتابع: "نحن بانتظار إعلان الساعة الصفر لدخول الجيش والشرطة إلى المدينة، ودعم العشائر المنتفضة بالسلاح والعتاد".
وأفادت معلومات متطابقة بأن تنظيم "داعش" شنّ على أثر الهجمات التي تعرّض لها حملة اعتقالات واسعة وسط الفلوجة وشمالها، وبحسب ما أفيدت به "الأخبار"، تجاوز عدد المعتقلين بسبب الأحداث الأخيرة المئة شخص.
وكان مجلس محافظة الأنبار قد أعلن، أمس، اندلاع "ثورة عشائرية" على تنظيم "داعش" في مدينة الفلوجة، وهي من كبرى مدن المحافظة، ودعا الحكومة إلى مساندتها "جواً وبراً". وتعليقاً على ذلك، قال هادي عاشور، وهو أحد ممثلي الفلوجة في مجلس العشائر المتصدية للإرهاب، إن "الحكومة العراقية لم تقم بما يجب من أجل تحرير الفلوجة، بشكل كامل، من قبضة الإرهابيين، بالرغم من وجود حالة سخط كبيرة بين الأهالي". وأوضح عاشور لـ"الأخبار" أن "ما حدث هو نتيجة انتفاضة خمسة إلى عشرة في المئة فقط من المتضرّرين من وجود داعش".
وعن إمكانية استثمار انشقاقات حدثت، أخيراً، بين صفوف التنظيم، اعتبر عضو المجلس العشائري الذي يضم شيوخاً من الأنبار أن "من عمل مع داعش وبقي معهم، طوال سنتين، لا يمكن أن يؤمن له مطلقاً، أما من يستطيع تحرير المدينة فهو العشائر وقوات الأمن، ذلك أن الأمر يتطلب عملية عسكرية".
وتزامنت أحداث الفلوجة المتسارعة مع جدل أخذ يتصاعد، في الآونة الأخيرة، عن السبب وراء التأجيل المتكرّر لتحرير الفلوجة، على الرغم من كونها العصب الرئيسي الذي مكّن "داعش" من السيطرة على مناطق واسعة، حيث إن سقوط الفلوجة بيده سبق سقوط مدينة الموصل بأكثر من خمسة أشهر. وبالرغم من أن معظم التقارير الأمنية تشير إلى أن تحرير الفلوجة يمثل ضربة قاضية لـ"داعش" في العراق، إلا أن الحكومة تنوي – على ما تبديه التصريحات الرسمية – أن تكون المعركة المقبلة في الموصل.
وفي السياق، قال الباحث في شؤون "داعش" هشام الهاشمي إن "قرار تأجيل تحرير الفلوجة يعد قراراً أميركياً، بسبب وجود تشكيلات من الحشد الشعبي تشارك في الحصار المطبق على المدينة". وأوضح الهاشمي لـ"الأخبار" أن "قوات الحشد الشعبي توجد في المناطق الجنوبية والجنوبية الشرقية للفلوجة"، مشيراً إلى أن "أي عملية عسكرية لتحريرها تعني مشاركة هذه القوات، وهو ما لا يريده الأميركيون". ولفت إلى أن "انسحاب قوات الحشد من هذا المكان يمكن أن يدفع الأميركيين إلى تغيير وجهتهم وخطة الحكومة، للذهاب إلى الفلوجة بدلاً من الموصل".
وعن إمكانية الاعتماد على أطراف من داخل الفلوجة وتجنيدهم لتحريرها، أشار الخبير الاستراتيجي إلى أن "الحكومة العراقية لا تستطيع العمل بهذه القوة في قضاء يخضع لداعش، منذ سنتين، وما تمكنت منه فقط هو في المجال الاستخباري والمعلومات".
في المقابل، يبدو أن الأحداث الأخيرة قد تجبر الحكومة العراقية على تغيير خطط التحرير. وعن هذا الموضوع، قال الكاتب المتخصص بملف الأنبار عمر الشاهر إن "المتغيّر الجديد قد يجبر القيادات العسكرية على تغيير مواعيد المعارك"، مضيفاً أن "الثورة الداخلية على داعش في مدينة ذات طابع عشائري مثل الفلوجة، قد تسبب خسائر كبيرة للتنظيم، على اعتبار أن خصوم داعش يعرفون الأرض جيداً".
وتوقع أن "معركة تحرير الفلوجة لا تنتظر الموصل، فالمؤشرات الأولية تتعلق بما يمكن أن نسميه حركة داخلية ضد داعش، والحكومة المحلية دخلت الآن على خط الأزمة وطلبت دعم الحكومة المركزية".