مرور على علاقته بحركة «فتح» والقضية الفلسطينية
بهذه المحبّة يفتتح هذا الكتاب كمعبر مناسب للدخول في المقالات التي حواها وهيّ تبدو مؤسسة على المحبّة ذاتها والمكنوزة في قلب صاحبها. هكذا نجد المقال الأول «البشارة كفعل خلاص» واعتراف فحص بأنه لم يذق حلاوة الإسلام والتشيّع «كما ذقتها بعدما شرعت في المناولة الروحية وإثر قراءة النّص المسيحي ومعاناة الشخص المسيحي». من هنا يمكن قراءة المقالات التالية التي خصها فحص للحديث عن البطريرك أغناطيوس الرابع هزيم «عناق الأفكار والقيم في مقام وقامة بيزنطيّة». حكى عنه معترفاً وبتواضع «بعدما اقتربنا منه لم نحسده على نعمه وتنعّمه بتواضعه وشفافيّته وعلمه، كما نغبطه ونغار منه، فإذا ارتفع الحجاب، وجرى حديث القلوب، وجدناه يغار منّا، لأننا نجد وقتاً للقراءة والكتابة أكثر منه».
وعن المطران جورج خضر، يكتب فحص مشيراً إلى «أيقونتنا الحيّة... ما أجمل وجهي في وجهك!»، سارحاً ومتأملاً حالته معه. فعندما تكون مع المطران جورج «أنت تقرأ لا تكتب،عندما تكتب نصّك يصبح ما تكتبه وكأنه حرام عليك، يصبح مشاعاً». أمّا حين تقرأ نصاً «فإنه يقرأك كلما قرأته، يتلّون بلحظتك، تجد فيه ذاتك... وهذا الرجل كتاب». وفي هذا الجزء المخصص للمطران خضر، جاء حوار أجرته مجموعة من طلّاب «مدرسة القلبين الأقدسين» ليحكي فيه فحص عن المطران والخيوط التي تجمع بينهما وقد كانت فرصة قال فحص فيها شاكراً الدعوة «التي تجعلني ألتقي نفسي التي أحبها». وقال: «أنا أناني لكن أنانيتي مهذّبة لا تتحقق إلا بالآخر».
في فصل «شهادات وكتب»، تأتي سيرة السيّد هاني حول الصحافي غسان تويني «القامة القيّمة أو لبنان الذي يسهر في النهار» والذي «أحاول أن أحبّه أكثر مما أكتب فيه أو عنه».
وتواصل محبّة هاني فحص سيرها لتصل محطة اليساري والطبيب المصري محجوب عمر الفلسطيني الهوى وعبر رسالة كان فحص قد كتبها له شاكياً «إذا لم يأتني الوجع أفتقده وأبتئس، يا محجوب ضع أذنك على صدري واعتني بقلبك وافرح، لتتيح لهذا القلب أن يعمل لمدة أطول، قلبك ليس لك، إنه مشاعنا الذي لا ينقسم». هذه الرسالة التي انجزها فحص بمقدمة تروي مناسبة كتابتها والطريقة التي أخذتها لتصل إلى القاهرة، تحكي قصته مع محجوب نفسه والمطارح التي وصلا إليها معاً وعلاقتهما بحركة «فتح» والقضية الفلسطينية «فأنا يا محجوب رجل الدين المسلم الشيعيّ أرجو أن تكون رفيقي في الجنّة، لا من أجل الحور العين بل من أجل فلسطين».
أمّا في خاتمة الكتاب، فجاءت كلمة للمطران جورج خضر قدِمت سابقاً في سياق احتفالية تكريمية لهاني فحص عام 2004. تصف الكلمة الطريقة التي يسير عليها فحص في حياته، فهو الذي «لا يضيره أن يمشي وحده أحياناً في هذه الحارة أو تلك لأنه يسعى دائماً مع الله». أمّا عن كتابته فيقول المطران خضر: «تسكرني هذه اللغة ليس لجمالها ومتانتها وحسب، ولكن لأنها تحوي، تحت الأسلوب، السعي إلى الحقيقة في هدوئها وإلى النضال في قوّته».