مقالات مرتبطة
-
رفع رسوم الدراسة في فرنسا: الحكومة غائبة عن السمع إيلده الغصين
نفكّر في أجيال من الطلاب اللبنانيين والعرب من أبناء الطبقات الوسطى الذين درسوا في جامعات فرنسا بين السبعينيات والتسعينيات، وقد باتوا اليوم من النخب الاكاديمية والسياسية والاقتصاديّة في بلادهم، يحملون «التراث الفكري والثقافة الفرنسية»، وكثيرون منهم باتوا مواطنين فرنسيين… هؤلاء جميعاً، باستثناء أبناء الذوات وبناتهم، ما كانوا حيث هم اليوم لو أن «الاصلاحات» الماكرونية كانت مطبقة في أيامهم. طبعاً سيأتي من يقارن مع كلفة التعليم في دول غربية أخرى، أو مع الاقساط الباهظة في جامعاتنا الخاصة… أو من يقول: الجماعة أحرار في بلدهم. لكن دعونا لا ننسى، أننا، بسبب سياساتهم المتعاقبة، لسنا أحراراً في بلداننا. ولا نملك جامعات وطنيّة قوية وأنظمة تعليم متقدمة في بلداننا. ثم اننا نتحدّث عن فرنسا معقل التنوير، كحالة خاصة انتهت، كاستثناء ثقافي في طريقه الى الانقراض. سيجد طلابنا سبلاً أكاديميّة أخرى، في بلدان أخرى، أو سيبقون في بلدهم حيث يتهاوى مستوى التعليم الجامعي، ويصبح تجارة سافرة مع غش في البضاعة معظم الأحيان… ما يعد بمستقبل قاتم لن يبقى حكراً على الضفة الجنوبية للمتوسّط. أما فرنسا التي عرفنا، فهي الخاسر الأكبر… هي التي ستعزل نفسها، وتحرم نفسها من تلك الطاقات. هي التي ستنقطع عن نفسها، وستخون صورتها ودورها، وتفقد تدريجاً قدرتها على التأثير. تفقد دورها كمصنع للنخب (التقدمية غالباً) في العالم الثالث. ستكتفي من الآن فصاعداً بإعداد نخب اقتصادية مقتدرة، لتجعل منها أدوات لمصالحها الاقتصادية، وسياستها الاستعمارية، وثقافتها الليبرالية الغربية البيضاء. ماذا عن فرنسا الأخرى التي عرفنا، هل فقدت روحها؟ فرنسا فوكو وجينيه وباتاي وسارتر والآخرين، ماذا بقي لديها كي تعطيه للعالم؟