لم يعد ثمة قرار بديل من العزل إذاً. ولكن، ذلك لا يعني التملص من الإجراءات الروتينية التي كان إهمالها «سبباً في الوصول إلى هنا»، على ما قال، أمس، رئيس اللجنة النيابية عاصم عراجي. وهي إجراءات بالغة السهولة، لا تتعدى ارتداء الكمامة والالتزام بالتباعد الاجتماعي. وهي الأسباب نفسها التي اتكلت فيها الدولة على وعي الناس وفشلت. ليس لأن الناس لم يلتزموا فقط، بل أيضاً لأن الدولة استهترت أيضاً في متابعتها لتطبيق الإجراءات في الكثير من المناطق، بحيث اقتصرت في بعض الأحيان على المدن الرئيسية. هكذا، كان الكيل بمكيالين، وإن كان ذلك لا يعفي المواطنين بطبيعة الحال، فـ«الوضوح والصراحة»، يحتّمان القول إن «الكثيرين لم يلتزموا بإجراءات رفع التعبئة»، وهو ما رفع العداد ولا يزال، إضافة إلى «المغتربين الذين لم يلتزم البعض منهم بإجراءات السلامة العامة، ما أدى إلى تفشي الفيروس». ولمن استهتروا «لا أحد ينتظر اللقاح قبل حزيران من العام المقبل، خصوصاً أن التباشير بإمكانية الوصول إلى اللقاح ضعيفة وتحتاج إلى ثلاث مراحل».
لماذا التسرّع في فتح البلاد ما دام هدف صفر إصابات لم يتحقق؟
هبّت الدولة دفعة واحدة، أمس. كأنها لم تتخذ قبل أيامٍ قرارات بعودة الحياة إلى طبيعتها، ولو تدريجياً، وهو ما يدعو إلى التساؤل عن المعايير التي تتبعها هذه الأخيرة في فتح البلاد وإغلاقها، وهل لتلك المعايير أيّ علاقة بالأسرّة «المحجوزة» حصراً لمرضى الكورونا؟ وهل كانت تتخذ قراراتها أيضاً سنداً لخطط الفحص والتتبّع والحجر؟ أم أن الرقم هو الذي كان يحكم هذه القرارات؟ وأخيراً، لماذا التسرّع في فتح البلاد، ما دام هدف صفر إصابات لم يتحقق؟ إلى الآن، الجواب الوحيد الجاهز هو أن الفتح والإغلاق رهن بالرقم الذي يسجله العداد.
بعيداً عن تلك الهواجس، يبدو أن هناك فئة «ضالّة» تصرّ على العيش خارج الكوكب، وكأن لا شيء يحصل. والحديث هنا عن القرار الذي اتخذته المديرية العامة للأوقاف الإسلامية. ففي وقت تزداد فيه أعداد الإصابات، خرجت مديرية الأوقاف لتعلن إعادة فتح المساجد بدءاً من الجمعة المقبل «لأداء صلاة الجمعة فقط»، داعية أئمة المساجد وخطباءها «ألا تتجاوز خطبهم الدقائق العشر»!
من جهة أخرى، لا يزال لبنان ضمن دائرة الخطر مع وصول دفعات جديدة من المغتربين، إذ وصلت أمس 6 رحلات تابعة لطيران الشرق الأوسط آتية من الكويت والدوحة وجورجيا وباريس وأبيدجان وكوتونو.