فوشيه أخطر لبنان قبل 10 أيام نقلاً عن الأميركيين بتهديدهم
مع ذلك كله، بدا أخيراً أن واشنطن لا تريد أن تنظر إلى القرار 1701 كما لو أنه محطة دورية، يصير إلى التجديد دورياً للقوة الدولية، ولا تُعلَّق أهمية على تعديل مهماتها. ليست المرة الأولى يثار هذا التعديل منذ عام 2006، بيد أنه لم ينطوِ في المرات السابقة على حتمية تُذكر. توسُّع حزمة العقوبات الأميركية على حزب الله - المعنيّ في الأصل في ما تطلبه الآن في القرار 1701 - أعاد تذكيرها بالقرار 1559 الذي لم يعدُ منذ عام صدوره في أيلول 2004، سوى تقرير نصف سنوي بالكاد كان يُذكر في السنوات المنصرمة بعدما غادر الجيش السوري لبنان. صار أخيراً إلى تعويمه على أنه أحد بنود حزمة العقوبات الأميركية. كذلك الأمر بالنسبة إلى المطالبة بالسيطرة الكاملة على الحدود اللبنانية - السورية، وجعلها هي الأخرى تحت الانتداب الدولي. هذا البند في صلب ما يتحدّث عنه صندوق النقد الدولي كأحد الحلول الجدية الموثوق بها لإنقاذ الاقتصاد اللبناني، كما لو أنه يمثّل مشكلة اقتصادية في ذاته، يحتاج إلى آلية تقنية تمنع التهرّب الضريبي والجمركي وتبادل التهريب بين البلدين بما في ذلك العملات الصعبة والوقود والحبوب.
قبل عشرة أيام تبلّغ رئيسا الجمهورية والحكومة من السفير الفرنسي في بيروت برونو فوشيه مضمون ما تبلّغه من الخارجية الفرنسية، نقلاً عن الرسالة التي أبلغتها واشنطن إلى باريس، وهي أنها لن تتعامل مع التمديد للقوة الدولية في الجنوب في الانتداب الجديد، على نحو ما كان يحدث في السنوات المنصرمة.
في فحوى ما نقله فوشيه، شفوياً، إلى المسؤولين اللبنانيين:
1 - استمرار تطبيق القرار 1701 يكبّد الأمم المتحدة نحو 900 مليون دولار سنوياً، تغطي واشنطن من هذا المبلغ ما بين 25% إلى 30% منه. بحسب الأميركيين، فإن هذا المبلغ يجري إنفاقه بلا جدوى على مهمة لم تحرز أي تقدم في تنفيذ قرار مجلس الأمن. وهو بذلك يُهدَر بلا طائل سياسي أو أمني، ينسجم مع الأهداف التي توخّاها القرار.
2 - من غير المستبعد، في ضوء ذلك، أن تتوقف الولايات المتحدة عن تسديد حصتها في كلفة نشر الجنود الدوليين في جنوب لبنان، ولا يضيرها أن تتصرّف حيال الأمم المتحدة وهذه المهمة بالذات، على نحو ما فعلت مع منظمة الصحة العالمية بخروجها منها. في أي حال، مهمة القوة الدولية ليست أكثر أهمية من دور منظمة الصحة الدولية.
3 - لا يسع واشنطن الموافقة على تمديد دوري مقبل للقرار 1701، من دون آلية جديدة تحقق تطبيقه، وتأخذ في الاعتبار تعديل مهمات القوة الدولية. سوى ذلك ستكون خارج أي التزام مالي أو سياسي بإزائه. مغزى هذا التهديد، تعريض استمرار القوة الدولية، بفقدانها نحو ثلث موازنتها، إلى خفض عدد وحداتها المشاركة وانسحاب دول منها، وتالياً دفع جنوب لبنان و«الخط الأزرق» إلى دائرة فقدان السيطرة عليهما.
4 - لا يمكن لواشنطن الاستمرار في قرار لمجلس الأمن يمتنع لبنان عن تطبيقه على نحو كامل. لذا أمام مجلس الأمن في موعد تجديد انتداب القوة الدولية أحد خيارين: إما وضعه موضع التطبيق الفعلي على ما ينص عليه، أو إعادة النظر فيه.
في ضوء هذه الرسالة، كان اجتماع الأربعاء المنصرم في قصر بعبدا لعون ودياب مع سفراء الدول الدائمة العضوية في مجلس الأمن، فأعادت السفيرة الأميركية دوروثي شيا تأكيد المؤكد، وهو فحوى الرسالة التي نقلها الأميركيون إلى لبنان عبر الفرنسيين، من غير أن يكون بعد ثمّة تفسير لدى أحد عن توسّل هذه القناة من جهة، وإحجام واشنطن عن إبلاغ لبنان مباشرة موقفها الجديد المتصلّب من جهة أخرى.
واستناداً إلى بعض المعلومات، لم تُفصح السفيرة الأميركية في اجتماع قصر بعبدا عن موقف إدارتها، إلا بعدما تحقّقت من أن نظيرها الفرنسي أطلع رئيسَي الجمهورية والحكومة عليه. بيد أنها تفادت أن تأتي على ذكر ما لوّح به الأميركيون للفرنسيين، وهو احتمال وقف واشنطن تمويلها القرار 1701.