العبارات السالفة الذكر وردت في مقال نُشر في آذار الماضي لوليد سنّو، «الاختصاصي» الذي رشّحه ميقاتي لإدارة وزارة الوصاية على الثروة الوطنية، التي يتربّص بها العدو الإسرائيلي ويسعى لنهبها. وإذا كان دولة الرئيس قد رشّحه من دون معرفة خلفيته فتلك مصيبة، أما إذا كان يعلم فالمصيبة أعظم. لكن من حق الناس أن يتعرّفوا إلى سنّو الذي يشكّل ترشيحه اليوم قفزة غير معهودة في تاريخ تشكيل الحكومات، مع ترشيح أشخاص يدعون علناً إلى التطبيع لتولي مناصب حكومية.
يشغل وليد سنّو منذ نيسان 2019 منصب المدير التنفيذي في مجموعة «دلتا أويل» الاستثمارية (مقرّها بريطانيا)، وكان قد أسّس شركة Tigris Capital Advisors Ltd عام 2009 (مقرّها في جزر كايمان البريطانية ولها فرع في بريطانيا)، وهي شركة تقدّم خدمات إدارية واستشارية في قطاع الطاقة، ولا سيما في منطقة الشرق الأوسط وأفريقيا. عملاء شركته هم مستثمرون وشركات نفط وغاز. تلقّى تعليمه الأساسي والجامعي في فرنسا، حيث حصل على إجازة في الهندسة الميكانيكية من جامعة ليون المركزية عام 1991، وحاز الماجستير في هندسة البترول من المعهد الفرنسي للبترول عام 1994. وشارك بتأسيس منظّمة في سويسرا تسمّى «المحاسبة الآن»، تدّعي في موقعها الإلكتروني بأنّ «مهمّتها هي دعم المجتمع المدني اللبناني في رغبته بوضع حدّ لإفلات المسؤولين، الذين روّجوا لمصالحهم الخاصة على حساب مصالح الشعب اللبناني، من العقاب».
«المحاسبة الآن»، المنظّمة التي ظهر اسم سنّو عبرها، والتي تدّعي بأنّها تسعى إلى محاسبة المسؤولين الفاسدين في لبنان، يتألّف مجلس إدارتها من تسعة أعضاء، ثلاثة منهم فقط لبنانيون، هم: وليد سنو وزينة واكيم وإدغار جوجو، وفق ما يذكره موقعها الإلكتروني. وظهر اسم سنو مع زميلته زينة واكيم العام الماضي عندما نُقِل بأنّ منظمتهما «المحاسبة الآن» ادّعت في القضاء السويسري على حاكم مصرف لبنان رياض سلامة بجرم الاختلاس وتبييض الأموال، لكن سرعان ما عاد وخبا اسم المنظمة لاحقاً. يُذكَر أنّ سنّو سبق أن ظهر في برامج وسائل إعلامية «ثورية»، كبرنامج «20/30» الذي يقدّمه ألبير كوستانيان، المدير التنفيذي لمنظّمة «كلنا إرادة»، وفي حزيران 2019 شارك كمدير لإحدى جلسات منتدى حول الطاقة في البحر المتوسط عُقِد في بكفيا، بتنظيم من بيت المستقبل التابع لأمين الجميّل.
لوليد سنّو نشاط في مواقع التواصل الاجتماعي، فهو يغرّد في تويتر مستعملاً حساباً وهمياً. في تتبّع لتغريداته يظهر أنه يتملّق ميقاتي منذ 2011 على الأقل، ويتحاشى انتقاده مع المنتقدين. لكنّه يكرّس تغريداته للهجوم على المقاومة وميشال عون وينسب لهما أغلب المشاكل التي يعاني منها لبنان. فمثلاً هو يرى أنّ «من مصلحة حزب الله التحكّم بملف ترسيم الحدود البحرية للوصول إلى نتيجة مرضية لإيران لتثبيت مزارع شبعا البحرية، لمنع إغلاق ملف الحدود مع إسرائيل، لذلك تشبّث من خلال المفاوضين العسكريين بالخط 29 لمنع التوصّل إلى أي حلّ، وبالتالي منع المتابعة في العملية الاستكشافية، تاركاً مجالاً للمفاوضات النووية». سنّو معجب بالثقافة الصهيونية، فهو يخاطب ديما صادق في تعليق على إحدى تغريداتها بأنّ «السلام يبدأ بتكريم ثقافة منطقتنا، وإسرائيل ليست أسطورة، إنّها حقيقة ذات ثروة ثقافية مذهلة»، ليرشّح لها مقطوعة موسيقية لعازف كمان صهيوني.
سنو: إسرائيل ليست أسطورة. إنّها حقيقة ذات ثروة ثقافية مذهلة
وكان سنّو قد عبّر في أكثر من مقال عن آرائه «المتقدّمة» في الموقف المستعدّ للتطبيع مع كيان العدو، ففي مقال بعنوان «واغنر تربح» نشره في 21 أيلول 2021 قال سنو: «التداعيات الجيوسياسية للتطوّرات الأخيرة في بلاد الشام كبيرة. من ناحية، يبدو أنّ الغاز (المعزَّز بتأثير اتفاقيات أبراهام) قد يكون أكثر مسرِّع سلام فعّال ووشيك تم تحقيقه على الإطلاق في تاريخ المنطقة». عملياً، يقترح ميقاتي وزير طاقة يرى الغاز عاملاً «مسرّعاً وفعّالاً» لعملية التطبيع، في حكومة لبنانية سيكون عليها اتخاذ قرار تاريخي حاسم على المستوى الوطني في مسألة التفاوض غير المباشر حول حقوق لبنان البحرية!