يحمل العرض الإسرائيلي إهانة كبيرة للسلطة، ونظرة دونيّة إلى دورها والوظيفة المراد لها أن تؤدّيها في غزة
ويحمل العرض الإسرائيلي إهانة كبيرة للسلطة، ونظرة دونية إلى دورها والوظيفة المراد لها أن تؤدّيها في قطاع غزة كوكيل خدماتي، وهو ما ظهر سابقاً في الخطّة الأمنية التي وضعها وزير الأمن الإسرائيلي، يوآف غالانت، ورفضها نتنياهو، وتتضمّن إنشاء قوّة أمنية يديرها رئيس جهاز المخابرات، ماجد فرج. ويبدو، بحسب المصادر الأميركية، أن العرض الإسرائيلي الجديد أثار غضب رام الله، وتحديداً رئيس السلطة، محمود عباس، إذ أوضح هؤلاء لواشنطن، كما تل أبيب، أنهم لن يوافقوا على العمل في معبر رفح تحت أيّ غطاء. وفي هذا الإطار، قال عضو اللجنة التنفيذية لـ«منظمة التحرير»، أحمد مجدلاني، المقرّب من عباس، في تصريحات صحافية، إن السلطة الفلسطينية رفضت طلبا أميركيّاً - إسرائيليّاً لإدارة معبر رفح قبل انسحاب القوات الإسرائيلية من القطاع، مبيّناً أن «السلطة اشترطت لتسلّم المعبر الالتزام بخطّة السلام العربية التي صاغتها السداسية العربية، والقاضية بوقف الحرب وانسحاب القوات الإسرائيلية من قطاع غزة، والتزام إسرائيل بجدول زمني للمفاوضات حتى إقامة دولة فلسطينية»، وأن «السلطة لن تدير المعبر تحت حكم إسرائيل العسكري، ولن تتسلّم قطاع غزة على أجزاء».
وينطلق قرار رام الله رفض العرض الإسرائيلي من اعتبارات عدّة، أبرزها، أن إسرائيل لم تحقّق «نصرها» المأمول في غزة، بل تبدو أزمتها أكثر تعقيداً سياسيّاً وميدانيّاً، وبالتالي لا تجد الأولى دافعاً لتقديم طوق نجاة للأخيرة، وإن كانت تنتظر بفارغ الصبر عودتها إلى غزة. يضاف إلى ما تقدّم، أنها ستبدو أمام الرأي العام الفلسطيني والدولي، في حال موافقتها على المقترح، كأنها عادت إلى القطاع على ظهر الدبابة الإسرائيلية وفوق آلاف الجثث. كما تدرك السلطة أن عودتها إلى معبر رفح، وفق العرض الإسرائيلي، سيضعها في مواجهة مع فصائل المقاومة التي أكدت أنها ستقاوم أيّ ترتيبات ستفرضها إسرائيل في غزة بقوّة العدوان. أيضاً، تدرك السلطة أن حكومة نتنياهو، ومن خلفها الولايات المتحدة، تنظران إليها على أنها أداة تنفيذية، وأن جميع الوعود التي قُدمت لها من إدارة جو بايدن تبخّرت، وخاصّة قي ما يتعلّق بمساعدتها اقتصاديّاً في حال إجرائها إصلاحات، حتى بات عباس يستشعر أن الخطّة الأميركية هدفها تنحيته عن المشهد. وبحسب مصادر إسرائيلية وأميركية، فإنّ من بين الشروط التي وضعتها السلطة، هو الإفراج عن أموال الضرائب الفلسطينية (المقاصة)ّ التي أمر وزير المال الإسرائيلي، بتسلئبل سموتريتش، بتجميدها مرّة أخرى قبل نحو عشرة أيام، بزعم الردّ على تحرّكات رام الله لدفع «المحكمة الجنائية الدولية» إلى إصدار مذكّرات اعتقال في حقّ مسؤولين إسرائيليين كبار.
ونقل موقعا «واللا» العبري و«أكسيوس» الأميركي عن مسؤولين أميركيين وإسرائيليين، قولهم إن المسؤولين الفلسطينيين أكدوا أنه «إلى أن تُفرج إسرائيل عن أموال الضرائب، فإنها لن تناقش العودة إلى معبر رفح»، بينما ذكر أربعة مسؤولين أميركيين وفلسطينيين وإسرائيليين رفيعي المستوى، أن مستشاري عباس أوضحوا أن عودة السلطة إلى المعبر «يجب أن تتمّ كجزء من عملية سياسية أوسع توفّر أيضاً أفقاً أوسع، وليست خطوة لمرّة واحدة تهدف فقط إلى حلّ الأزمة بين إسرائيل ومصر»، وأن المحادثات في هذا الشأن «مستمرّة بوساطة أميركية - مصرية»، وأن السلطة «لم ترفض بشكل قاطع إمكانية إرسال ممثلين إلى معبر رفح».