تَسير كرة القدم الأميركية في نسقٍ تصاعدي. الاستثمارات الضخمة التي قام بها المسؤولون عن القطاع الكروي في البلاد عادت أخيراً بالمنفعة، من خلال زيادة القيمة السوقية للأندية الأميركية على الساحة العالمية. يظهر ذلك بالأرقام عبر تقريرٍ نشره موقع «سبورتيكو» المتخصّص في اقتصاديات الرياضة قبل أيام، قام خلاله بحساب تدفقات إيرادات الأندية بناءً على الأرقام المنشورة في حساباتها ضمن ثلاث فئات: البث والعائدات التجارية ويوم المباراة.
عليه، تم تحديد الأندية الخمسين الأعلى قيمة عالمياً في الوسط الكروي. اللافت، هو أن الدوري الأكثر تمثيلاً للأندية في القائمة ليس «بريميرليغ»، ولا حتى دورياً تابعاً للاتحاد الأوروبي لكرة القدم. الأكثر مساهمةً في القائمة هو الدوري الأميركي لكرة القدم (MLS) بواقع 20 فريقاً، على رأسها نادي لوس أنجلوس إف سي (1.15 مليار دولار) الذي يحتل المركز الخامس عشر ضمن القائمة الإجمالية، مع تواجد أتلانتا يونايتد وإنتر ميامي ولوس أنجلوس غالاكسي ونيويورك سيتي إف سي ضمن المراكز العشرين الأولى.
هذا لا يعني أن الدوري الأميركي هو الأعلى قيمةً في العالم. فرغم احتلال الدوري الإنكليزي الممتاز المركز الثاني من حيث أكثر الدوريات تمثيلاً للأندية في القائمة (تسعة أندية)، إلا أن التقييم التراكمي للأندية الإنكليزية البالغ 29 مليار دولار هو تقريباً ضعف تقييم أندية الدوري الأميركي العشرين. ومع ذلك، يبقى المؤشر الأميركي إيجابياً وواعداً.
الأميركيون قادرون في المستقبل القريب على تحديد القرارات المصيرية في الدوري الإنكليزي الممتاز


تعزو «سبورتيكو» تحسن تقييمات أندية الدوري الأميركي لكرة القدم إلى عوامل مختلفة مثل التحكم في التكاليف، والملاعب الحديثة، والتعاون في الملكية. كما أن غياب الهبوط من الدوري الأميركي لكرة القدم يضيف الاستقرار إلى التقييمات ويزيد من الحد الأدنى لمستويات دخل الأندية، وفقاً للموقع.
إضافةً إلى ذلك، تزايد الاهتمام في «MLS» بعد وصول كوكبة من اللاعبين البارزين إلى أراضي العم سام، على رأسهم الأرجنتيني ليونيل ميسي الذي حط رحاله في إنتر ميامي خلال الموسم الماضي. وارتفعت تباعاً مبيعات التذاكر الموسمية والإيرادات هذا العام بنسبة 15% و25% على التوالي، توازياً مع توقيع الدوري الأميركي صفقة بث مربحة مدتها 10 سنوات مع «Apple» في عام 2022.
هذه العوامل وغيرها رفعت من قيمة الأندية الأميركية، مع ترقّب بأن ترتفع المكانة العالمية للدوري الأميركي أكثر في المستقبل القريب على خلفية استضافة الولايات المتحدة لكوبا أميركا 2024 وكأس العالم 2026 (ملف مشترك).


يُحسب للأميركيين نجاح سياساتهم المتّبعة أخيراً في عالم كرة القدم، والتي أضاءت على «MLS» وغيّرت خارطة الكرة العالمية أيضاً. الأمر لا يقتصر على الاستثمار المحلي والتسويق فحسب، بل ينسحب إلى توسيع رقعة الملكية خارج حدود البلاد.
فمن بين الأندية الأميركية العشرين ضمن قائمة «سبورتيكو»، هناك 19 نادياً مملوكاً من ملّاك أميركيين. ومن مجمل قائمة الـ50 نادياً، هناك ثمانية أندية (مختلفة عن الـ19) مملوكة جزئياً على الأقل لأفراد أو شركات أميركية، بما في ذلك مانشستر يونايتد (الأول) وليفربول (الرابع)، وآرسنال (الثامن)، وتشيلسي (10)، وميلان (14)، وليون (23)، وروما (24).
سياسة انتشار الملكية الأميركية أخذت بالتضخم في السنوات الماضية، تحديداً ضمن أكبر الدوريات الأوروبية. يكفي الإشارة إلى أن الأميركيين قادرون في المستقبل القريب على تحديد القرارات المصيرية في الدوري الإنكليزي الممتاز، حيث يتطلب الأمر 14 نادياً من أصل 20 نادياً لضمان الأغلبية في اتخاذ القرار، في حين تتواجد حالياً تسعة أندية إنكليزية مملوكة من أميركيين (سيصل العدد إلى 10 كحد أدنى في الموسم المقبل في حال لم يهبط بيرنلي ومع ترقية إيبسويتش تاون. وهناك أندية أخرى قد يملكها الأميركيون، مثل إيفرتون).
كرة القدم في الولايات المتحدة تتطوّر بسرعة «هائلة». استقدام البلاد لأغلب الفرق العالمية الكبرى خلال التحضيرات الصيفية يساهم أيضاً في تعزيز ثقافة «اللعبة» ضمن أميركا، التي قد تقارع أوروبا نفسها خلال السنوات القليلة المقبلة إذا استمرّت في هذا النسق.