تلك النسخة كانت مميزة بالنسبة إلى الألمان، وباتت تُعرف في الوسط الرياضي باسم «حكاية الصيف الخيالية» (Sommermaerchen)، على اعتبار أنها اللحظة التي تخلّصت فيها ألمانيا الموحّدة من ظلال ماضيها «المظلم» وأظهرت للعالم وجهاً جديداً. ورغم أهمية كأس عالم 2006 لبرلين وضواحيها على الساحة الجيو - سياسية، من غير المرجّح أن تكتب بطولة «يورو» المرتقبة حكاية خيالية جديدة هذا الصيف، تحديداً في الشق الاقتصادي.
يواجه الاقتصاد الألماني صعوبات منذ بدء الأحداث الروسية - الأوكرانية في فبراير/شباط 2022، وهو الآن في الربع الرابع على التوالي من النمو الصفري أو السلبي، ما يؤثّر على المنطقة الأوروبية بأكملها.
وسبق أن انكمش أكبر اقتصاد في أوروبا بنسبة 0.3% عام 2023. وتأتي بطولة «يورو» في وقتٍ تتنبّأ فيه الحكومة الألمانية بأن ينمو الاقتصاد بنسبة 0.2% هذا العام، وهو أقل بكثير عن توقعات سابقة بنمو 1.3%، مع تضاؤل الآمال في تعافٍ سريع بسبب عوامل مختلفة منها ما يتعلّق باستمرار ارتفاع التضخم وما يتبعه من انخفاض الطلب العالمي، وأخرى ترتبط بالضبابية الجيو - سياسية السائدة.
يعتقد الخبراء أن استضافة ألمانيا لبطولة أمم أوروبا للرجال لن يكون لها تأثير إيجابي مباشر على الاقتصاد المتعثّر
وسط هذه المؤشرات وغيرها، يعتقد الخبراء أن استضافة ألمانيا لبطولة أمم أوروبا للرجال لن يكون لها تأثير إيجابي مباشر على الاقتصاد المتعثّر. ومن بين الآراء الداعمة لهذا المعتقد، قال مارسيل فراتشير، رئيس مجلس إدارة المعهد الألماني للأبحاث الاقتصادية في برلين: «يمكن أن يكون لليورو تأثير نفسي إيجابي وغير مباشر على الاقتصاد الألماني. وستستفيد الفنادق وصناعة المطاعم على وجه الخصوص من الطلب الإضافي، لكن هذا لن يكون له تأثير كبير على الاقتصاد ككل».
وقدّم مايكل جروملينغ من معهد كولونيا للأبحاث الاقتصادية توقّعات مماثلة بقوله: «لا نتوقع أن يكون لبطولة أوروبا لكرة القدم أي تأثير على الاقتصاد الكلي في ألمانيا. وقد لوحظ هذا أيضاً خلال كأس العالم 2006». مضيفاً أن تأثيرات سوق العمل ستكون «مؤقتة وإقليمية في أحسن الأحوال».
وعلى نفس النهج، حذّر أحد الخبراء الاقتصاديين في مجلة دير شبيغل من التطلعات العالية جداً لتبعات «يورو» الاقتصادية. واستند إلى تجارب سابقة ليظهر أن الأحداث الرياضية الكبرى يمكن أن تؤدي إلى تحوُّل في الإنفاق الاستهلاكي ولكن ليس بالضرورة إلى زيادة في الإنفاق الاستهلاكي الإجمالي.
عليه، لن يتأمّل الألمان من بطولة «يورو» تحصيل عائدات ضخمة لإنعاش الاقتصاد، بل إن تطلّعات القيّمين سوف تقتصر غالباً على رهان عودة منتخب «المانشافت» إلى الواجهة بعد نكسات متتالية في السنوات الماضية.