الزيارة الحالية تمرّ وسط توتّر مفاجئ يتعلّق بقرار الحكومة التركية إعادة كنيسة "كارييه" في إسطنبول إلى جامع
على أن كل هذه الخلافات وغيرها لم تجد حلّاً لها إلى الآن، على رغم مضيّ 100 عام على بعضها، وأكثر من 70 عاماً على بعضها الآخر. ومع أن العلاقات التركية - اليونانية كانت تشهد فترات من الغزل، وخصوصاً في نهاية التسعينيات، ويبدي مسؤولو البلدين كل حفاوة ممكنة في لقاءاتهما، غير أن التوتّر ظلّ السمة الأبرز لهذه العلاقات، وهو ما يجعل تحقّق أيّ تقدُّم جدّي، خلال الزيارة الحالية، أمراً بعيد الاحتمال. ومع ذلك، فإن الزعيمين سيناقشان كلّ جوانب التعاون بينهما، ولا سيما رفع حجم التبادل التجاري من 6 إلى 10 مليارات دولار. غير أن الزيارة الحالية تمرّ وسط توتّر مفاجئ يتعلّق بقرار الحكومة التركية إعادة كنيسة "كارييه" (كورا باليونانية) الموجودة في منطقة الفاتح في إسطنبول إلى جامع، جرى فتحه للعبادة يوم الاثنين الماضي. وعلى هذه الخلفية، رأى ميتسوتاكيس، يوم الخميس الماضي، أن إعادة الكنيسة لتكون جامعاً "أمر مقلق" و"رسالة خاطئة"، مشيراً إلى أنه سيطرح هذا الأمر خلال لقائه مع إردوغان اليوم، فيما طالبته المعارضة بإلغاء زيارته لتركيا.
والجدير ذكره، هنا، أنه باستثناء الروائع المعمارية التي بناها في العهد العثماني، المهندس الشهير معمار سنان، فإن إسطنبول مدينة بيزنطية بامتياز وغنية بالآثار المختلفة العائدة إلى ذلك العهد، ومنها الكنائس، وعلى رأسها كنيسة "آيا صوفيا" التي حوّلها السلطان محمد الفاتح، بعد السيطرة عليها عام 1453، إلى جامع؛ ثم جاء مصطفى كمال أتاتورك وحوّلها إلى متحف من دون أن يعيدها إلى ما كانت عليه، لكن إردوغان ألغى، في 20 تموز 2020، قرار أتاتورك عبر إعادة "آيا صوفيا" إلى جامع. ومن بين الكنائس والأديرة البيزنطية التابعة للروم الأرثوذكس، تعدّ كنيسة "كارييه"، التي بنيت في القرن السادس للميلاد، مميّزة عن غيرها بجماليتها المعمارية وقطع الفسيفساء والرسوم الجدارية فيها. ومع أنها تعرّضت للتخريب على أيدي الحملة الصليبية اللاتينية عام 1204، إلا أنّها استمرّت في كونها كنيسة بعد استيلاء محمد الفاتح على إسطنبول. ولكن في عام 1511، قرّر السلطان بايزيد الثاني تحويلها إلى جامع. ولاحقاً، في 29 آب 1945، قرّرت الحكومة التركية تحويل "كارييه" إلى متحف، وفتحه أمام الزوار عام 1949.
وفي تعليقه على خطوة إردوغان، أشار الكاتب مراد يتكين إلى أنّ في إسطنبول، وحدها، 3555 جامعاً. "فهل هي بحاجة إلى جامع جديد، وخصوصاً أنه كان في الأصل كنيسة؟ أم أن الصلاة في مكان عبادة فخم وعظيم فيه ثواب أكبر؟". ورأى أن "هذه الخطوة لا تفيد إردوغان، فبعد كلام الرئيس التركي عام 2018، والذي قال فيه إنه سيحوّل آيا صوفيا من جديد إلى جامع، خسر بلدية إسطنبول عام 2019".