تواصلت حفلة الجنون الأميركية التي بدأت قبل أيام مع التصريحات النارية التي أطلقها الرئيس دونالد ترامب ضد كوريا الشمالية، فوصلت أمس إلى مرحلة التهديد المباشر باستخدام القوة ضد بيونغ يانغ، وسط تأكيد ترامب أن الخيار العسكري «جاهز للتنفيذ»، على الرغم من دعوة الصين إلى ضبط النفس، في محاولة لتهدئة الحرب الكلامية غير المسبوقة بين واشنطن وبيونغ يانغ.
وكتب ترامب على موقع «تويتر» أن «الحلول العسكرية وضعت بشكل كامل حالياً، وهي جاهزة للتنفيذ في حال تصرف كوريا الشمالية من دون حكمة». وقال: «نأمل أن يجد (الزعيم الكوري الشمالي) كيم جونغ أون مساراً آخر!». وردّت عليه وكالة الأنباء الكورية الشمالية الرسمية، واصفة إياه بأنه شخص «بغيض مهووس بالحرب النووية». وأضافت أن «ترامب يقود الوضع في شبه الجزيرة الكورية إلى شفير حرب نووية».
وقد جاءت آخر تصريحات ترامب في وقت كشفت فيه وكالة «أسوشييتد برس»، أن الولايات المتحدة تجري اتصالات دبلوماسية سرية مع كوريا الشمالية، منذ أشهر عدّة. وذكرت الوكالة، نقلاً عن مسؤولين أميركيين لم تسمّهم وآخرين مطلعين على العملية، أن المناقشات شملت مبعوث الولايات المتحدة الخاص بشؤون كوريا الشمالية جوزيف يون، وباك يونغ إل وهو دبلوماسي بارز من كوريا الشمالية في الأمم المتحدة.
في غضون ذلك، أشار وزير الدفاع الأميركي جايمس ماتيس إلى أن بلاده لا تزال تأمل حلّ أزمة كوريا الشمالية دبلوماسياً. وقال إن الحرب ستكون «كارثية»، وإن الجهود الدبلوماسية تحرز نتائج. وأضاف أن مهمته وزيراً للدفاع أن يكون مستعداً في حال نزاع. لكنه أشار إلى أن الجهود التي يقوم بها وزير الخارجية ريكس تيلرسون وسفيرة الولايات المتحدة لدى الأمم المتحدة نيكي هيلي، «لديها قوة دبلوماسية وبدأت في تحقيق نتائج». وعندما سئل عن الخطط العسكرية حال وقوع صراع، قال إن بلاده مستعدة، لكنه أضاف «لا أقول للعدو مسبقاً عمّا سأقوم به».
وبالتوازي مع هذه التطوّرات، توالت الردود الدولية المحذّرة من تصعيد الأزمة، فقد علّقت المستشارة الألمانية أنجيلا ميركل من برلين بالقول: «لا أرى حلاً عسكرياً لهذا النزاع»، مضيفة أن «ألمانيا ستشارك بشكل مكثّف في خيارات الحل غير العسكرية، إلا أنني أرى أن التصعيد الكلامي هو رد خاطئ».

موسكو: مخاطر
اندلاع نزاع بين
البلدين «كبيرة جداً»


أما وزير الخارجية الروسي سيرغي لافروف، فقد حذّر من أن مخاطر اندلاع نزاع بين الولايات المتحدة وكوريا الشمالية «كبيرة جداً»، ملمّحاً إلى أنه يعود لواشنطن القيام بخطوة أولى من أجل نزع فتيل الأزمة. وفي وقت سابق، حضّت الصين كلّاً من الولايات المتحدة وكوريا الشمالية على تخفيف التصعيد.
ودعا المتحدث باسم وزارة الخارجية الصينية غينغ شوانغ، في بيان، واشنطن وبيونغ يانغ إلى الابتعاد عن «المسار القديم في تبادل استعراض القوة ومواصلة تصعيد الوضع»، معتبراً أن «الوضع الحالي في شبه الجزيرة الكورية في غاية التعقيد والحساسية». وأضاف: «ندعو الأطراف المعنية إلى توخي الحذر في أقوالهم وأفعالهم، والمساهمة بشكل أكبر في تخفيف التوترات وتعزيز الثقة المتبادلة».
وكان ترامب قد رأى في تصريحاته الجديدة، أن الصين تستطيع أن تفعل «أكثر من ذلك بكثير» لممارسة ضغوط على كيم لحضّه على وضع حد لبرامج بلاده النووية والبالستية، في انتقاد لم يعلق عليه غينغ في بيانه.
وفي هذا الإطار، أشارت صحيفة «وول ستريت جورنال» إلى أن المسؤولين الصينيين يدرسون خلف الكواليس، الاستراتيجيات لتجنّب اندلاع الصراع.
هدف الصين الآن هو منع تصعيد التوتر بين الولايات المتحدة وكوريا الشمالية ليصل إلى نزاع مفتوح»، قال شينغ كزياوه، وهو أستاذ مساعد في إحدى جامعات بكين. وأضاف هذا الأخير أن «القادة الصينيين وجّهوا كل انتباههم إلى القضايا الداخلية، وباتوا يفتقرون إلى الوقت والطاقة لمعالجة الأزمات السياسية الخارجية»، معتبراً أن «هناك غياباً للقيادة في ما يتعلق بالقضية النووية في كوريا الشمالية».
(الأخبار، أ ف ب)